منه، قال ابن هشام: لم يرد منه إلا ثلاثة ألفاظ: فرخ وأفراخ، وزند وأزناد وحمل وأحمال، لا رابع لها، وقال غيره: إنه قليل بالنسبة إلى الصحيح، وأما في المعتل فكثير وجمع لواحدها وقد تقدم من مذهب سيبويه أنا اسم جمع لا جمع فليتأمل، المستعمل المطرد وهو شيء وقد عرفت أنه شاذ قليل، وأما الكسائي فيرى أنها أي أشياء أفعال كفرخ وأفراخ أي من غير ادعاء كلفة، ومن ثم استحسن كثيرون مذهبه، وفي شرح الشافية، لأن فعلا معتل العين يجمع على أفعال.
قلت: وقد تقدمت الإشارة إليه، فإن قلت: إذا كان الأمر كذلك فكيف منعت من الصرف وأفعال لا موجب لمنعه.
قلت: إنما ترك صرفها لكثرة الاستعمال فخفت كثيرا، فقابلوا خفتها بالتثقيل وهو المنع من الصرف لأنها أي أشياء شبهت بفعلاء مثل حمراء في الوزن، وفي الظاهر، وفي كونها جمعت على أشياوات فصارت كخضراء وخضراوات (1) وصحراء وصحراوات، قال شيخنا: قوله: لأنها شبهت، إلخ من كلام المصنف جوابا عن الكسائي، لا من كلام الكسائي.
قلت: قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه في قوله تعالى " لا تسألوا عن أشياء " (2) [أشياء] (3) في موضع الخفض إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف، قال: وقال الكسائي: أشبه آخرها آخر حمراء وكثر استعمالها فلم تصرف، انتهى. فعرف من هذا بطلان ما قاله شيخنا، وأن الجوهري إنما نقله من نص كلام الكسائي، ولم يأت من عنده بشيء فحينئذ لا يلزمه أي الكسائي أن لا يصرف أبناء وأسماء كما زعم الجوهري قال أبو إسحاق الزجاج: وقد أجمع البصريون وأكثر الكوفيين على أن قول الكسائي خطأ في هذا وألزموه أن لا يصرف أبناء وأسماء. انتهى. فقد عرفت أن في مثل هذا لا ينسب الغلط إلى الجوهري كما زعم المؤلف لأنهم لم يجمعوا أبناء وأسماء بالألف والتاء فلم (4) يحصل الشبه. وقال الفراء: أصل شيئ شيئ على مثال شيع، فجمع على أفعلاء مثل هين وأهيناء ولين وأليناء، ثم خفف فقيل: شيئ كما قاولا هين ولين، فقالوا أشياء، فحذفوا الهمزة الأولى، هكذا نص الجوهري، ولما كان هذا القول راجعا إلى كلام أبي الحسن الأخفش لم يذكره المؤلف مستقلا ولذا ترى في عبارة أبي إسحاق الزجاج وغيره نسبة القول إليهما معا، بل الجاربردي عزا القول إلى الفراء ولم يذكر الأخفش، فلا يقال: إن المؤلف بقي عليه مذهب الفراء كما زعم شيخنا، وقال الزجاج عند ذكر قول الأخفش والفراء: وهذا القول غلط لأن شيئا فعل، وفعل لا يجمع على أفعلاء، فأما هين فأصله هين فجمع على أفعلاء كما يجمع فعيل على أفعلاء مثل نصيب وأنصباء انتهى (5).
قلت: وهذا هو المذهب الخامس الذي قال شيخنا فيه إنه لم لتعرض له اللغويون وهو راجع إلى مذهب الأخفش والفراء، قال شيخنا في تتمات هي للمادة مهمات: فحاصل ما ذكر يرجع إلى ثلاثة أبنية تعرف بالاعتبار والوزن بعد الحذف فتصير خمسة أقوال، وذلك أن أشياء هل هي اسم جمع وزنها فعلاء أو جمع على فعلاء ووزنه بعد الحذف أفعاء أو أفلاء أو أفياء أو أصلها أفعال، وبه تعلم ما في القاموس والصحاح والمحكم من القصور، حيث اقتصر الأول على ثلاثة أقوال مع أنه البحر، والثاني والثالث على أربعة، انتهى.
وحيث انجر بنا الكلام إلى هنا ينبغي أن نعلم أي المذاهب منصور مما ذكر.
فقال الإمام علم الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي الدمشقي في كتابه سفر السعادة وسفير الإفادة: وأحسن هذه الأقوال كلها وأقربها إلى الصواب قول الكسائي، لأنه فعل جمع على أفعال، مثل سيف وأسياف، وأما منع الصرف فيه فعلى التشبيه بفعلاء، وقد يشبه (6) الشيء بالشيء فيعطى حكمه، كما أنهم شبهوا