يكون لفعل متعد فيشذ فيه من وجهين، لأنه متعد، ولعدم دلالته على الحركة، قال شيخنا: فإن قيل إن في الغضب غليان القلب واضطرابه فلذا ورد مصدره كما نقله الخفاجي وسلم. قلت: لا ملازمة بين البغض والغضب، إذ قد يبغض الإنسان شخصا وينطوي على شنآنه من غير غضب، كما لا يخفى، انتهى. وفي التهذيب: الشنآن مصدر على فعلان كالنزوان والضربان. وقرأ عاصم شنآن بإسكان النون، وهذا يكون اسما، كأنه قال: ولا يجرمنكم بغيض قوم، قال أبو بكر: وقد أنكر هذا رجل من البصرة يعرف بأبي حاتم السجستاني، معه تعد شديد وإقدام على الطعن في السلف، قال فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى فقال: هذا من ضيق عطنه وقلة معرفته، أما سمع قول ذو الرمة:
فأقسم لا أدري أجولان عبرة * تجود بها العينان أحرى أم الصبر قال: قلت له: هذا وإن كان مصدرا فيه الواو، فقال: قد قالت العرب: وشكان ذا (1)، فهذا مصدر وقد أسكنه، وحكى سلمة عن الفراء: من قرأ شنآن قوم، فمعناه بغض قوم، شنئته شنآنا وشنآنا، وقيل قوله شنآن قوم، لي بغضاؤهم، ومن قرأ شنآن قوم، فهو الاسم، لا يحملنكم بغض قوم (2). وقال شيخنا في شرح نظم الفصيح، بعد نقله عبارة الجوهري: والتسكين شاذ في اللفظ، لأنه لم يجيء شيء من المصادر عليه، قلت: ولا يرد لواه بدينه ليانا بالفتح في لغة، لأنه بمفرده لا تنتقص به الكليات المطردة، وقد قالوا لم يجيء من المصادر على فعلان بالفتح إلا ليان وشنآن، لا ثالث لهما، وإن ذكر المصنف في زاد زيدانا فإنه غير معروف: أبغضه به فسره الجوهري والفيومي وابن القوطية وابن القطاع وابن سيده وابن فارس وغيرهم وقال بعضهم: اشتد بغضه إياه ورجل شنانية كعلانية وفي نسخة شنائية بالياء التحتية بدل النون، وشنآن كسكران وهي أي الأنثى شنآنة بالهاء وشنأى كسكرى، ثم وجدت في أخرى عن الليث: رجل شناءة وشنائية بوزن فعالة وفعالية أي مبغض سيئ الخلق.
والمشنوء كمقروء: المبغض كذا هو مقيد عندنا بالتشديد في غير ما نسخ (3)، وضبطه شيخنا كمكرم من أبغض الرباعي، لأن الثلاثي لا يستعمل متعديا ولو كان جميلا كذا في نسختنا، وفي الصحاح والتهذيب ولسان العرب: وإن كان جميلا وقد شنئ الرجل بالضم فهو مشنوء.
والمشنأ كمقعد: القبيح الوجه وقال ابن بري: ذكر أبو عبيد أن المشنأ، مثل المشنع: القبيح المنظر وإن كان محببا، قال شيخنا: الواقع في التهذيب والصحاح: وإن كان جميلا، قلت: إنما عبارتهما تلك في المشنوء لا هنا يستوي فيه الواحد (4) والجمع والذكر والأنثى قاله الليث أو المشنأ وكذا المشناء كمحراب، على قول علي بن حمزة الأصبهاني، الذي يبغض الناس.
والمشناء كمحراب من يبغضه الناس عن أبي عبيد، قال شيخنا نقلا عن الجوهري: هو مثل المشنإ السابق، فهو مثله في المعنى، فإفراده على هذا الوجه تطويل بغير فائدة. قلت: وإن تأملت في عبارة المؤلف حق التأمل وجدت ما قاله شيخنا مما لا يعرج عليه، ولو قيل: من يكثر ما يبغض لأجله لحسن قال أبو عبيد لأن مشناء (5) من صيغ الفاعل، وقوله الذي يبغضه (6) في قوة المفعول، حتى كأنه قال المشناء المبغض، وصيغة المفعول لا يعبر بها (7) عن صيغة الفاعل، فأما روضة محلال فمعناه أنها تحل الناس أو تحل بهم، أي تجعلهم يحلون، وليست في معنى محلولة، وفي حديث أم معبد: لا تشنؤه من طول، قال ابن الأثير كذا جاء في رواية، أي لا يبغض لفرط طوله. وروي: لا يتشنى، أبدل من الهمزة ياء يقال شنئته أشنؤه شنأ وشنآنا، ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، وفي التنزيل " إن شانئك هو الأبتر " (8) أي مبغضك وعدوك، قاله الفراء، وقال أبو عمرو: الشانئ: المبغض، والشنء والشنء بالكسر