سيده: ما أحسن أمنتك وأمنك أي دينك وخلقك. وآمن بالشئ: صدق وأمن كذب من أخبره. الجوهري: أصل آمن أأمن، بهمزتين، لينت الثانية، ومنه المهيمن، وأصله مؤأمن، لينت الثانية وقلبت ياء وقلبت الأولى هاء، قال ابن بري: قوله بهمزتين لينت الثانية، صوابه أن يقول أبدلت الثانية، وأما ما ذكره في مهيمن من أن أصله مؤأمن لينت الهمزة الثانية وقلبت ياء لا يصح، لأنها ساكنة، وإنما تخفيفها أن تقلب ألفا لا غير، قال: فثبت بهذا أن مهيمنا من هيمن فهو مهيمن لا غير. وحد الزجاج الإيمان فقال: الإيمان إظهار الخضوع والقبول للشريعة ولما أتى به النبي، صلى الله عليه وسلم، واعتقاده وتصديقه بالقلب، فمن كان على هذه الصفة فهو مؤمن مسلم غير مرتاب ولا شاك، وهو الذي يرى أن أداء الفرائض واجب عليه لا يدخله في ذلك ريب. وفي التنزيل العزيز: وما أنت بمؤمن لنا، أي بمصدق. والإيمان: التصديق. التهذيب: وأما الإيمان فهو مصدر آمن يؤمن إيمانا، فهو مؤمن. واتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه التصديق. قال الله تعالى: قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا (الآية) قال: وهذا موضع يحتاج الناس إلى تفهيمه وأين ينفصل المؤمن من المسلم وأين يستويان، والإسلام إظهار الخضوع والقبول لما أتى به النبي، صلى الله عليه وسلم، وبه يحقن الدم، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب، فذلك الإيمان الذي يقال للموصوف به هو مؤمن مسلم، وهو المؤمن بالله ورسوله غير مرتاب ولا شاك، وهو الذي يرى أن أداء الفرائض واجب عليه، وأن الجهاد بنفسه وماله واجب عليه لا يدخله في ذلك ريب فهو المؤمن وهو المسلم حقا، كما قال الله عز وجل: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون، أي أولئك الذين قالوا إنا مؤمنون فهم الصادقون، فأما من أظهر قبول الشريعة واستسلم لدفع المكروه فهو في الظاهر مسلم وباطنه غير مصدق، فذلك الذي يقول أسلمت لأن الإيمان لا بد من أن يكون صاحبه صديقا، لأن قولك آمنت بالله، أو قال قائل آمنت بكذا وكذا فمعناه صدقت، فأخرج الله هؤلاء من الإيمان فقال: ولما يدخل الإيمان في قلوبكم، أي لم تصدقوا إنما أسلمتم تعوذا من القتل، فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر، والمسلم التام الإسلام مظهر للطاعة مؤمن بها، والمسلم الذي أظهر الإسلام تعوذا غير مؤمن في الحقيقة، إلا أن حكمه في الظاهر حكم المسلمين. وقال الله تعالى حكاية عن إخوة يوسف لأبيهم: ما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين، لم يختلف أهل التفسير أن معناه ما أنت بمصدق لنا، والأصل في الإيمان الدخول في صدق الأمانة التي ائتمنه الله عليها، فإذا اعتقد التصديق بقلبه كما صدق بلسانه فقد أدى الأمانة وهو مؤمن، ومن لم يعتقد التصديق بقلبه فهو غير مؤد للأمانة التي ائتمنه الله عليها، وهو منافق، ومن زعم أن الإيمان هو إظهار القول دون التصديق بالقلب فإنه لا يخلو من وجهين أحدهما أن يكون منافقا ينضح عن المنافقين تأييدا لهم، أو يكون جاهلا لا يعلم ما يقول وما يقال له، أخرجه الجهل واللجاج إلى عناد الحق وترك قبول الصواب، أعاذنا الله من هذه الصفة وجعلنا ممن علم فاستعمل ما علم، أو جهل
(٢٣)