تأتي السماء بدخان مبين، أي بجدب بين. يقال: إن الجائع كان يرى بينه وبين السماء دخانا من شدة الجوع، ويقال: بل قيل للجوع دخان ليبس الأرض في الجدب وارتفاع الغبار، فشبه غبرتها بالدخان، ومنه قيل لسنة المجاعة: غبراء، وجوع أغبر.
وربما وضعت العرب الدخان موضع الشر إذا علا فيقولون: كان بيننا أمر ارتفع له دخان، وقد قيل: إن الدخان قد مضى. والدخنة: كالذريرة يدخن بها البيوت. وفي المحكم: الدخنة بخور يدخن به الثياب أو البيت، وقد تدخن بها ودخن غيره، قال:
آليت لا أدفن قتلاكم، فدخنوا المرء وسرباله.
والدواخن: الكوى التي تتخذ على الأتونات والمقالي. التهذيب:
الداخنة كوى فيها إردبات تتخذ على المقالي والأتونات، وأنشد (* قوله وأنشد إلخ الذي في التكملة: وأنشد لكعب بن زهير:
يثرن الغبار على وجهه كلون الدواخن).
كمثل الدواخن فوق الإرينا ودخن الغبار دخونا: سطع وارتفع، ومنه قول الشاعر:
استلحم الوحش على أكسائها أهوج محضير، إذا النقع دخن.
أي سطع. والدخن: الكدورة إلى السواد. والدخنة من لون الأدخن: كدرة في سواد كالدخان دخن دخنا، وهو أدخن. وكبش أدخن وشاة دخناء بينة الدخن، قال رؤبة:
مرت كظهر الصرصران الأدخن.
قال: صرصران سمك بحري. وليلة دخنانة: شديدة الحر والغم. ويوم دخنان: سخنان. والدخن: الحقد. وفي الحديث: أنه ذكر فتنة فقال: دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يعني ظهورها وإثارتها، شبهها بالدخان المرتفع. والدخن، بالتحريك: مصدر دخنت النار تدخن إذا ألقي عليها حطب رطب وكثر دخانها. وفي حديث الفتنة: هدنة على دخن وجماعة على أقذاء، قال أبو عبيد: قوله هدنة على دخن تفسيره في الحديث لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه أي لا يصفو بعضها لبعض ولا ينصع حبها كالكدورة التي في لون الدابة، وقيل: هدنة على دخن أي سكون لعلة لا للصلح، قال ابن الأثير: شبهها بدخان الحطب الرطب لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر، وأصل الدخن أن يكون في لون الدابة أو الثوب كدرة إلى سواد، قال المعطل الهذلي يصف سيفا:
لين حسام لا يليق ضريبة، في متنه دخن وأثر أحلس.
قوله: دخن يعني كدورة إلى السواد، قال: ولا أحسبه إلا من الدخان، وهذا شبيه بلون الحديد، قال: فوجهه أنه يقول تكون القلوب هكذا لا يصفو بعضها لبعض ولا ينصع حبها كما كانت، وإن لم تكن فيهم فتنة، وقيل:
الدخن فرند السيف في قول الهذلي. وقال شمر: يقال للرجل إذا كان خبيث الخلق إنه لدخن الخلق، وقال قعنب:
وقد علمت على أني أعاشرهم، لا نفتأ الدهر إلا بيننا دخن.
ودخن خلقه دخنا، فهو دخن وداخن: ساء وفسد وخبث. ورجل دخن الحسب والدين