لسان العرب - ابن منظور - ج ١٣ - الصفحة ١٤٥
لا يرفع الطرف، إلا ما تخونه داع، يناديه باسم الماء، مبغوم قال أبو منصور: ليس معنى قوله إلا ما تخونه حجة لما احتج له، إنما معناه إلا ما تعهده، قال: كذا روى أبو عبيد عن الأصمعي أنه قال:
التخون التعهد، وإنما وصف ولد ظبية أودعته خمرا، وهي ترتع بالقرب منه، وتتعهده بالنظر إليه، وتؤنسه ببغامها، وقوله باسم الماء، الماء حكاية دعائها إياه، وقال داع يناديه فذكره لأنه ذهب به إلى الصوت والنداء. وتخونه وخونه وخون منه: نقصه. يقال:
تخونني فلان حقي إذا تنقصك، قال ذو الرمة:
لا بل هو الشوق من دار تخونها مرا سحاب، ومرا بارح ترب وقال لبيد يصف ناقة:
عذافرة تقمص بالردافي، تخونها نزولي وارتحالي.
أي تنقص لحمها وشحمها. والردافى: جمع رديف، قال ومثله لعبدة بن الطبيب:
عن قانئ لم تخونه الأحاليل وفي قصيد كعب بن زهير:
لم تخونه الأحاليل وخونه وتخونه: تعهده. يقال: الحمى تخونه أي تعهده، وأنشد بيت ذي الرمة:
لا ينعش الطرف إلا ما تخونه.
يقول: الغزال ناعس لا يرفع طرفه إلا أن تجئ أمه وهي المتعهدة له.
ويقال: إلا ما تنقص نومه دعاء أمه له. والخوان: من أسماء الأسد. ويقال: تخونته الدهور وتخوفته أي تنقصته.
والتخون له معنيان: أحدهما التنقص، والآخر التعهد، ومن جعله تعهدا جعل النون مبدلة من اللام، يقال: تخونه وتخوله بمعنى واحد. والخون: فترة في النظر، يقال للأسد خائن العين، من ذلك، وبه سمي الأسد خوانا. وخائنة الأعين: ما تسارق من النظر إلى ما لا يحل. وفي التنزيل العزيز: يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وقال ثعلب: معناه أن ينظر نظرة بريبة وهو نحو ذلك، وقيل:
أراد يعلم خيانة الأعين، فأخرج المصدر على فاعلة كقوله تعالى: لا تسمع فيها لاغية، أي لغوا، ومثله: سمعت راغية الإبل وثاغية الشاء أي رغاءها وثغاءها، وكل ذلك من كلام العرب، ومعنى الآية أن الناظر إذا نظر إلى ما لا يحل له النظر إليه نظر خيانة يسرها مسارقة علمها الله، لأنه إذا نظر أول نظرة غير متعمد خيانة غير آثم ولا خائن، فإن أعاد النظر ونيته الخيانة فهو خائن النظر. وفي الحديث: ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين أي يضمر في نفسه غير ما يظهره، فإذا كف لسانه وأومأ بعينه فقد خان، وإذا كان ظهور تلك الحالة من قبل العين سميت خائنة العين، وهو من قوله عز وجل: يعلم خائنة الأعين، أي ما يخونون فيه من مسارقة النظر إلى ما لا يحل. والخائنة: بمعنى الخيانة، وهي من المصادر التي جاءت على لفظ الفاعلة كالعاقبة. وفي الحديث: أنه رد شهادة الخائن والخائنة، قال أبو عبيد: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما افترض الله على عباده وأتمنهم عليه، فإنه قد سمى ذلك أمانة فقال: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم، فمن ضيع شيئا مما أمر الله به أو ركب شيئا مما نهى عنه فليس ينبغي أن يكون عدلا.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست