الشدائد التي تحمل التراب في شدة الهبوات، واحدها بارح، والبارح: الريح الحارة في الصيف. والبوارح: الأنواء، حكاه أبو حنيفة عن بعض الرواة ورده عليهم. أبو زيد: البوارح الشمال في الصيف خاصة، قال الأزهري: وكلام العرب الذين شاهدتهم على ما قال أبو زيد، وقال ابن كناسة: كل ريح تكون في نجوم القيظ، فهي عند العرب بوارح، قال: وأكثر ما تهب بنجوم الميزان وهي السمائم، قال ذو الرمة:
لا بل هو الشوق من دار تخونها مرا سحاب، ومرا بارح ترب فنسبها إلى التراب لأنها قيظية لا ربعية. وبوارح الصيف:
كلها تربة. والبارح من الظباء والطير: خلاف السانح، وقد برحت تبرح (* قوله وقد برحت تبرح بابه نصر، وكذا برح بمعنى غضب.
وأما بمعنى زال ووضح فمن باب سمع كما في القاموس.) بروحا، قال:
فهن يبرحن له بروحا، وتارة يأتينه سنوحا وفي الحديث: برح ظبي، هو من البارح ضد السانح. والبارح: ما مر من الطير والوحش من يمينك إلى يسارك، والعرب تتطير به لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف، والسانح: ما مر بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، والعرب تتيمن به لأنه أمكن للرمي والصيد. وفي المثل:
من لي بالسانح بعد البارح؟ يضرب للرجل يسئ الرجل، فيقال له:
إنه سوف يحسن إليك، فيضرب هذا المثل، وأصل ذلك أن رجلا مرت به ظباء بارحة، فقيل له: سوف تسنح لك، فقال: من لي بالسانح بعد البارح؟
وبرح الظبي، بالفتح، بروحا إذا ولاك مياسره، يمر من ميامنك إلى مياسرك، وفي المثل: إنما هو كبارح الأروي قليلا ما يرى، يضرب ذلك للرجل إذا أبطأ عن الزيارة، وذلك أن الأروي يكون مساكنها في الجبال من قنانها فلا يقدر أحد عليها أن تسنح له، ولا يكاد الناس يرونها سانحة ولا بارحة إلا في الدهور مرة.
وقتلوهم أبرح قتل أي أعجبه، وفي حديث عكرمة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن التولية والتبريح، قال: التبريح قتل السوء للحيوان مثل أن يلقى السمك على النار حيا، وجاء التفسير متصلا بالحديث، قال شمر: ذكر ابن المبارك هذا الحديث مع ما ذكره من كراهة إلقاء السمكة إذا كانت حية على النار وقال: أما الأكل فتؤكل ولا يعجبني، قال: وذكر بعضهم أن إلقاء القمل في النار مثله، قال الأزهري:
ورأيت العرب يملأون الوعاء من الجراد وهي تهتش فيه، ويحتفرون حفرة في الرمل ويوقدون فيها ثم يكبون الجراد من الوعاء فيها، ويهيلون عليها الإرة الموقدة حتى تموت، ثم يستخرجونها يشررونها في الشمس، فإذا يبست أكلوها. وأصل التبريح: المشقة والشدة. وبرح به إذا شق عليه. وما أبرح هذا الأمر أي ما أعجبه قال الأعشى:
أقول لها، حين جد الرحي - ل: أبرحت ربا، وأبرحت جارا أي أعجبت وبالغت، وقيل: معنى هذا البيت أبرحت أكرمت أي صادفت كريما، وأبرحه بمعنى أكرمه وعظمه.
وقال أبو عمرو: برحى له ومرحى له إذا تعجب منه، وأنشد بيت الأعشى وفسره، فقال: معناه أعظمت ربا، وقال آخرون: أعجبت ربا،