والدة أم الفضل، ونساء أخريات كن يراقبن وضع الفتاة، ولما وجدنها لم تعلق من أبي جعفر (عليه السلام) استدعته عمتها هذه المرة إلى منزلها حيث كانت أم الفضل عندها، والإمام كان في منزل آخر لا يبعد كثيرا عن منزلها، وليس هو بالقريب بحيث يأتيه ماشيا. فالزوجان - حسب الظاهر - لم تكن نطفهما لتنعقد بتدبير من الإمام الجواد (عليه السلام)، ولهذا كانت تحقد عليه، وتتبرم منه، فاستغل عمها المعتصم، وأخوها جعفر هذه الظاهرة فيما بعد لتأليبها على الإمام، ودفعها للانتقام منه.
وأخيرا، فبين التماس أم جعفر العباسية من الإمام، وبين إحراجها له بالتهديد والوعيد، لا يجد الإمام الجواد (عليه السلام) بدا من الرضوخ لما طلب إليه.
ويدخل على البنت التي أعدوها له، وأعدت هي نفسها إعدادا لا مفر فيه من المواقعة، لكن الله تعالى لا يشاء كما يشاء الظالمون. فحال بينهما الطمث الذي نزل في لحظات، ليرتاح الإمام من أذاهم، ويعود من حيث أتى.
وأما القول الثاني للطبري الإمامي المعروف بالطبري الصغير، فهو الآخر انفرد بروايته الخاصة التي نص فيها على أن قدومه (عليه السلام) إلى بغداد وزواجه من أم الفضل كان في سن السادسة عشرة، أي سنة (210 أو 211). فإما أن نحتمل تصحيف الست عشرة سنة، وإما أن نقول - وهو احتمال أيضا - بأن المأمون دعاه وزوجته أم الفضل لحضور زواجه من (بوران) ابنة الحسن بن سهل. فيحضر ابن الرضا (عليه السلام) زواج عمه، ثم يجيزه المأمون، ويطلب منه الدخول بأم الفضل، أو بالأحرى يأمره بذلك، وهو لسان الرواية.
وتبقى الرواية في محل تأمل كما تقدم.
وأما القول الثالث فهو الذي يتفق والثوابت التي حددت سابقا، إلا ما كان من قولي ابن طلحة الشافعي من القدماء، ومن المتأخرين قول المحدث القمي (عليه الرحمة).