يكن قد دخل بأم الفضل حسب الظاهر. فيوم أرسل إليه المأمون يستدعيه من المدينة إلى بغداد، وهو خارج في مهمة كبيرة جدا وهي حرب الروم، لابد وأن يكون في الأمر أهمية حساسة، وبالغة، بحيث لا يمكن أن يصرفه عنها الاستعدادات الجارية لخوض حرب خطيرة وعظيمة.
وفي تقديرنا أن مشكلة كبيرة كانت قائمة بين الإمام وزوجته أم الفضل من جهة، وبين الإمام ووالدها المأمون من جهة أخرى، فالمأمون كان يداري الإمام الجواد كثيرا، ويظهر للملأ العام إعظامه وإجلاله ووده له، لكنه في الوقت نفسه لم يكن مرتاحا لوضع ابنته الشابة (الزوجة البائسة). التي كانت تكتب إليه كثيرا شارحة وضعها التعيس، وحظها العاثر. فكان والدها يصبرها ويعدها بإيجاد حل لمشكلتها، وأحيانا كان يتغاضى عنها مداراة لأبي جعفر (عليه السلام)، رغم أن ابنته المدللة زوجة في الظاهر، لكنها بلا زوج في الواقع.
ثم إن مكاتيبها لأبيها لم تكن - حسب الظاهر - تقتصر على بيان سوء حالتها الزوجية، وهجرها في المضجع. بل، كانت البنت موظفة بأن تكتب عن أحوال الإمام وتحركاته، الأمر الذي من أجله كان هذا الزواج التحميلي.
على أية حال، فمن هذا الاستدعاء، وفي هذا الظرف الحساس يتبين أن الإمام أبا جعفر (عليه السلام) لم يدخل بأم الفضل طيلة وجودها عنده مدة عشر سنوات.
فخلال هذه المدة كان الإمام قد تزوج بامرأة من ولد عمار بن ياسر، كما جاء في الرواية عن أم الفضل نفسها. ثم تملك جارية أو جاريتين لغرض استيلادهن، كما صار له منهن أولاد.
فبنت شابة في مقتبل العمر، وأوان فورة شبابها، وترى أمام عينيها زوجها الشاب يدير لها ظهره، ويتشاغل عنها بغيرها من الإماء والجواري، فكان هذا يغيضها، ويلهب أحاسيسها وعواطفها، ويحزنها كثيرا جدا، الأمر الذي كان