ويتسرى حيث كان بالمدينة، ولم يكن المأمون بالمدينة فتشكو إليه ابنته.
فإن قلت: إنه جاء حاجا.
قلت: لم يكن ليشرب في تلك الحال؛ وأبو جعفر (عليه السلام) مات ببغداد وزوجته معه فأخته أين رأتها بعد موته؟ وكيف اجتمعتا وتلك بالمدينة وهذه ببغداد؟ وتلك الامرأة التي من ولد عمار بن ياسر رضي الله عنه في المدينة تزوجها، فكيف رأتها أم الفضل، فقامت من فورها وشكت إلى أبيها؟ كل هذا يجب أن ينظر فيه، والله أعلم.
ونقل المجلسي (1) (عليه الرحمة) نص إشكال الإربلي هذا على الرواية، ورد عليه بقوله: كل ما ذكره من المقدمات التي بنى عليها رد الخبر في محل المنع، ولا يمكن رد الخبر المشهور المتكرر في جميع الكتب بمحض هذا الاستبعاد.
أقول:
أولا: إن اعتبار اشتهار الخبر وتكرره في الكتب، لا يشكل دليلا على القطع والتسليم به، ولا يقف أمام رده إذا أعل ذلك الخبر متنا أو إسنادا، فرب مشهور لا أصل له.
وثانيا: إن الإربلي (رحمه الله) لم يرد الخبر على أنه معجزة لا يمكن تصديقها بهذا الشكل، فهو ظن فيه الوضع لما بينه من استبعاد اجتماع أخت الإمام الجواد (عليه السلام) بأم الفضل ابنة المأمون، خاصة وأنها ألحقت مع نساء عمها المعتصم في قصره من يومها.
ثم مع علم أهل بيته (عليه السلام) بما دبره العباسيون من مكيدة لقتل الإمام، ما الداعي لهذا الخوف من حكيمة ابنته أو أخته (عليه السلام) على ابنة المأمون من أن تتصدع