أره قبل ذلك، فأتيته به وبالماء، قال: " تعال حتى نحمل الرضا (عليه السلام) "، فحملناه على المغتسل ثم قال: " اعزب عني "، فغسله وهو وحده ثم قال: " هات أكفانه والحنوط "، قلت: لم نعد له كفنا، قال: " ذلك في الخزانة "، فدخلتها فرأيت في وسطها أكفانا وحنوطا لم أره قبل ذلك، فأتيته به فكفنه وحنطه.
ثم قال لي: " هات التابوت من الخزانة "، فاستحييت منه أن أقول ما عندنا تابوت، فدخلت الخزانة فوجدت بها تابوتا لم أره قبل ذلك، فأتيته به فجعله فيه، فقال: " تعال حتى نصلي عليه "، وصلى به وغربت الشمس، وكان وقت صلاة المغرب، فصلى بي المغرب والعشاء، وجلسنا نتحدث فانفتح السقف ورفع التابوت.
فقلت: يا مولاي ليطالبني المأمون به فما تكون حيلتي؟ فقال: " لا عليك سيعود إلى موضعه، فما من نبي يموت في مغرب الأرض ولا يموت وصي من أوصيائه في مشرقها إلا جمع الله بينهما قبل أن يدفن "، فلما مضى من الليل نصفه أو أكثر إذا التابوت رجع من السقف حتى استقر مكانه.
فلما صلينا الفجر قال: " افتح باب الدار فإن هذا الطاغي يجيئك الساعة فعرفه أن الرضا (عليه السلام) قد فرغ من جهازه "، قال: فمضيت نحو الباب فالتفت فلم أره يدخل من باب ولم يخرج من باب فإذا المأمون قد وافى، فلما رآني قال: ما فعل الرضا؟ قلت: عظم الله أجرك، فنزل وخرق ثيابه، وسفى التراب على رأسه، وبكى طويلا ثم قال: خذوا في جهازه فقلت: قد فرغ منه، قال: ومن فعل به ذلك؟ قلت غلام وافاه لم أعرفه إلا أني ظننته ابن الرضا (عليه السلام).
قال: فاحفروا له في القبة، قلت: فإنه سألك أن تحضر موضع دفنه، قال:
نعم، فأحضروا كرسيا وجلس عليه وأمر أن يحفروا له عند الباب فخرجت الصخرة، فأمر بالحفر في يمنة القبة، فخرجت النبكة ثم أمر بذلك في يسرتها