عجيب، وأمر جليل، فوق الوصف والمقدار؟ أعجوبة لم يسمع أحد بمثلها.
قلت: وما ذاك؟
قالت: كنت أغار عليه كثيرا، وأراقبه أبدا، وكان ربما أغارني مرة بجارية، ومرة بتزويج، وربما يسمعني الكلام، فكنت أشكو ذلك إلى أبي، فيقول: يا بنية احتمليه فإنه ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فبينما أنا جالسة ذات يوم (ليلة) إذ دخلت علي جارية كأنها قضيب بان أو غصن خيزران فسلمت علي، فقلت: من أنت؟ فقالت: أنا جارية من ولد عمار بن ياسر، وأنا زوجة أبي جعفر.
قلت: من أبو جعفر؟
قالت: محمد بن الرضا (عليه السلام) زوجك.
قالت: فدخلني من الغيرة ما لا أقدر على احتمال ذلك، وهممت أن أخرج وأسيح في البلاد، وكاد الشيطان يحملني على الإساءة إليها. فكظمت غيظي، وأحسنت رفدها وكسوتها.
فلما خرجت من عندي المرأة، نهضت ودخلت على أبي (المأمون) وقد كان ثملا من الشراب لا يعقل، وقد مضى من الليل ساعات، فأخبرته بحالي، وقلت له: إنه يشتمني ويشتمك، ويشتم العباس وولده، وقلت ما لم يكن، فغاظه ذلك مني جدا، ولم يملك نفسه من السكر، وقام مسرعا فضرب بيده إلى سيفه (فقال: يا غلام علي بالسيف، فأتي به) فركب، وحلف أنه يقطعه بهذا السيف ما بقي في يده، فلما رأيت ذلك ندمت، وقلت في نفسي: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما صنعت بنفسي وبزوجي، وجعلت ألطم حر وجهي، فعدوت خلفه لأنظر ما يصنع.
فدخل عليه والدي وهو نائم، فوضع السيف فيه، وما زال يضربه حتى قطعه قطعة قطعة، ثم وضع السيف على حلقه فذبحه، وأنا أنظر إليه وياسر الخادم،