وغيرهما من الأفكار الهدامة الأخرى التي داهمت العالم الإسلامي في ذلك العصر، فدعت إلى تفكيك عرى المسلمين وروابطهم الاجتماعية، وتضليل الرأي العام في كثير من جوانبه الاجتماعية والعقائدية، وقد بادر الإمام الكاظم وأبوه الإمام الصادق (عليهما السلام) من قبل إلى إيقاظ المسلمين وتحذيرهم منها.
وليس في ميادين الخدمة الدينية والاجتماعية ما هو أعم نفعا وأكثر عائدة على المسلمين من نشر فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وعرض سيرتهم وشؤون حياتهم، فإنها تمد المجتمع بما يحتاجه من مقومات النهوض الإنساني والارتقاء العلمي، وما أحوجنا في هذا العصر إلى التمسك بالقيم الفاضلة ومنهاج أهل البيت السليم، الذي هو امتداد لمنهج السماء الهادف إلى العبودية ونكران الذات والتضحية في سبيل رفع كلمة الله سبحانه وتعالى في الأرض، والانطلاق نحو العمل المثمر البناء.
وأما سياسته (عليه السلام) مع حكام زمانه، فكانت المقاطعة والسلبية تمثلان منهاجه القويم، لعلمه بأن المقاومة الإيجابية لا تجدي نفعا في التغلب على الحكم القائم وحتمية فشل الثورة، كما قام بها أولاد عمه الحسنيين، وبإعلانه السلبية حرم (عليه السلام) أي تعامل مع الحكم القائم، والاتصال بالجهاز الحاكم، حتى حرم على أصحابه أن يبري قلم لأحدهم، وحرم الترافع إلى مجالس قضائهم، حسبما دونه فقهاء الإمامية في كتب القضاء، وهي طريقة مجدية ذات أثر بالغ في تحقيق الأهداف السليمة التي ينشدها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) والتي مارسها الإمام موسى الكاظم ومن قبله أبيه الإمام الصادق (عليهما السلام)، وما حديثه مع صفوان الجمال وتحريم إكراء جماله لهارون الرشيد حتى لحج بيت الله الحرام إلا أدل شاهد على ذلك، وسنذكر ذلك بالتفصيل في فصول هذا الكتاب.
هذه كلمة عابرة قدمتها مفتتحا بها كتاب الإمام الفذ السابع من أئمة