4 - في (كشف الغمة) للإربلي، قال: لقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق، أثبتت لموسى (عليه السلام) أشرف منقبة، وشهدت له بعلو مقامه عند الله تعالى وزلفى ومنزلة لديه، وظهرت بها كرامته بعد وفاته، ولا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكبر منها دلالة حال الحياة.
وهي أن من عظماء الخلفاء من كان له نائب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الأعيان، في ولاية عامة طالت فيها مدته، وكان ذا سطوة وجبروت، فلما انتقل إلى الله تعالى اقتضت رعاية الخليفة أن تقدم بدفنه في ضريح مجاور لضريح الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بالمشهد المطهر، وكان بالمشهد المطهر نقيب معروف مشهود له بالصلاح، كثير التردد والملازمة للضريح والخدمة له، قائم بوظائفها. فذكر هذا النقيب أنه بعد دفن هذا المتوفى في ذلك القبر بات بالمشهد الشريف، فرأى في منامه أن القبر قد انفتح والنار تشتعل فيه، وقد انتشر منه دخان ورائحة قتار (1) ذلك المدفون فيه إلى أن ملأت المشهد، وأن الإمام موسى (عليه السلام) واقف، فصاح لهذا النقيب باسمه وقال له: تقول للخليفة: يا فلان - وسماه باسمه - لقد آذيتني بمجاورة هذا الظالم. وقال كلاما خشنا. فاستيقظ ذلك النقيب وهو يرعد فرقا وخوفا، ولم يلبث أن كتب ورقة وسيرها منهيا فيها صورة الواقعة بتفصيلها.
فلما جن الليل جاء الخليفة إلى المشهد المطهر بنفسه واستدعى النقيب، ودخلوا الضريح، وأمر بكشف ذلك القبر، ونقل ذلك المدفون إلى موضع آخر خارج المشهد، فلما كشفوه وجدوا فيه رماد الحريق، ولم يجدوا للميت أثرا (2).