بمبارك وصبحوا في نواحي عسكره، فطلب دليلا يأخذ به غير الطريق فوجده، فمضى به حتى انتهى إلى مكة.
وحج في تلك السنة العباس بن محمد، وسليمان بن أبي جعفر، وموسى ابن عيسى، فصار مبارك معهم، واعتل عليهم بالبيات.
وخرج الحسين بن علي قاصدا إلى مكة ومعه من تبعه من أهله ومواليه وأصحابه وهم زهاء ثلاثمائة، واستخلف على المدينة دينار الخزاعي، فلما قربوا من مكة فصاروا بفخ وبلدح تلقتهم الجيوش، فعرض العباس على الحسين الأمان والعفو والصلة، فأبى ذلك أشد الإباء.
ولما أن رأى الحسين المسودة أقعد رجلا على جمل معه سيف يلوح به والحسين يملي عليه حرفا حرفا، يقول: ناد، فنادى: يا معشر الناس، يا معشر المسودة، هذا الحسين بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وابن عمه، يدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وعن أرطأة قال: لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ، قال: أبايعكم على كتاب الله وسنة رسول الله، وعلى أن يطاع الله ولا يعصى، وأدعوكم إلى الرضا من آل محمد، وعلى أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، والعدل في الرعية، والقسم بالسوية، وعلى أن تقيموا معنا، وتجاهدوا عدونا، فإن نحن وفينا لكم وفيتم لنا، وإن نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم.
ولقيته الجيوش بفخ، وقادها العباس بن محمد، وموسى بن عيسى، وجعفر ومحمد ابنا سليمان، ومبارك التركي، ومنارة، والحسن الحاجب، والحسين بن يقطين، فالتقوا في يوم التروية سنة 169 ه وقت صلاة الصبح، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة، فصار محمد بن سليمان في الميمنة، وموسى في الميسرة، وسليمان بن أبي جعفر