- يا هشام، إن الله جل وعز حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا: ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾ (1) حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها، إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا، وسره لعلانيته موافقا، لأن الله لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه.
- يا هشام، كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ما من شيء عبد الله به أفضل من العقل، وما تم عقل امرئ حتى يكون فيه خصال شتى، الكفر والشر منه مأمونان، والرشد والخير منه مأمولان، وفضل ماله مبذول، وفضل قوله مكفوف، نصيبه من الدنيا القوت، ولا يشبع من العلم دهره، الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره، والتواضع أحب إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، ويستقل كثير المعروف من نفسه، ويرى الناس كلهم خيرا منه وأنه شرهم في نفسه، وهو تمام الأمر.
- يا هشام، من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره.
- يا هشام، لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.
- يا هشام، كما تركوا لكم الحكمة، فاتركوا لهم الدنيا.
- يا هشام، لا دين لمن لا مروة له، ولا مروة لمن لا عقل له، وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا، أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة