من العلماء، والجاهل من المتعبدين، أولئك فتنة كل مفتون " (1).
نلحظ هنا أن الإمام (عليه السلام) بكلماته هذه يذكر بمشكلة حكومته في الحقيقة، وأنه يلفتنا إلى أن حكومته قد تلقت ضربتين قاصمتين من شريحتن، وأن عمودها الفقري قد أصيب وتضعضع بذلك، وهاتان الشريحتان هما:
1 - العلماء المتهتكون؛ وهم الوجوه البارزة الذين أوقدوا فتنة الجمل وصفين (الناكثون والقاسطون) ومهدوا سبل الفساد، وقسطوا ونكثوا عامدين.
2 - الجهال العابدون الذين واجهوا الإمام (عليه السلام) في النهروان بسيماء الزاهدين وباسم الدين منطلقين من جهلهم وحمقهم.
وهكذا، فلا قيمة لعبادات الجاهل المتنسك، ولا وزن لتهجداته، ولا خلاق له منها. وليس هذا فحسب، بل إنهم يشكلون خطرا عظيما على الإسلام والحكومة الإسلامية، وبعبارة أخرى: مثل العالم المتهتك في خطره على النظام الإسلامي كمثل الجاهل المتنسك في خطره على الأمة الإسلامية والنظام الإسلامي أيضا.
ولا غرو أن تختم حياة الإمام (عليه السلام) على يد هذه الشريحة الثانية، فدل واقع التاريخ على أن خطر العباد الجاهلين أشد وأنكى.
فاستبان - إذن - أن أمر ثمرة وأضرها لشجرة " التعمق " الخبيثة - الضاربة جذورها في الجهل وحب الدنيا والمرتدية لباس الدين - هو تقويض أركان النظام الإسلامي. والآن نعرج على أغصان هذه الشجرة بشيء من التوضيح: