بجهالته: ما أعرف هذا، وما أراه كان، وما أظن أن يكون، وأنى كان؟! وذلك لثقته برأيه، وقلة معرفته بجهالته. فما ينفك - بما يرى مما يلتبس عليه رأيه مما لم يعرف - للجهل مستفيدا، وللحق منكرا، وفي الجهالة متحيرا، وعن طلب العلم مستكبرا " (1).
3 - التكفير والاتهام إن إحدى الثمار المرة المضرة للتطرف المنطلق من الجهل، والإفراط الهش الخاوي، و " التعمق " في الدين، وحب التمحور المنبثق منه هي اتهام الآخرين بالخروج من الدين؛ فالسطحيون المتحجرون الزاهون بأنفسهم العادون سلوكهم معيارا للحق يحكمون على الآخرين بلا أناة ولا أساس، ويقصمون ظهر كل من لا يفكر تفكيرهم بعصا التكفير. وهكذا كان الخوارج، فهم الذين كانوا قد فرضوا التحكيم على الإمام (عليه السلام) غير آذنين لأنفسهم بالتفكير فيه والتأمل فيما ابتدعوه ولو قليلا، ثم حملوا عصا التكفير وكفروا الإمام (عليه السلام) وهو الذي كان كيان الإيمان الماثل، وصورة الحق المتجسد، ومظهر الربانية الرفيعة. والعجب أنهم قد أفتوا بقتل كل من لم يعتقد بعقيدتهم، وأقدموا على ذلك عمليا، فقتلوا أشخاصا في هذا السبيل (2). وواصلوا نهجهم على هذا المنوال، وشرعوا التكفير، وقالوا بكفر كل من يرتكب الكبيرة. ومن هنا، لما سئل أحد قادتهم؛ وهو قطري بن الفجاءة، في إحدى المعارك: هل تقاتل أم لا؟ فأجاب بالنفي، ثم استدرك فعزم على القتال، قال جنده: كذب وكفر. وعرضوا به قائلين: " دابة الله "، فحكم عليهم