قالت (عليها السلام):
((هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، إبتدارا زعمتم خوف الفتنة (ألا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين) فهيهات منكم وكيف بكم وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، قد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تدبرون، أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلا، (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ثم لم تلبثوا الا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها، ثم أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهماد سنن النبي الصفي، تسرون حسوا في ارتغاء، وتمشون لأهله وولده في الخمر والضراء، ونصبر منكم على مثل حز المدى، ووخز السنان في الحشا)).
قولها (عليها السلام): (هذا) أي خذوا هذا الذي ذكرت وتدبروا فيه، أو اذكروا هذا الذي فعلتم، أو أنكم فعلتم هذا ونحو ذلك والحال ان العهد قريب، ويسمى هذا في نحو هذا المقام بفصل الخطاب.
و (العهد) بمعنى الوصية والتقديم لذكر شئ، وبمعنى اللقاء وغير ذلك مما مرت إليه الإشارة سابقا في شرح قولها (عليها السلام): (وعهد قدمه إليكم) ويقال:
عهدي به قريب أي لقائي إياه، والمقصود انكم فعلتم هذه الأمور، وارتكبتم بما ارتكبتم من المحذور، والحال ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قريب العهد بكم لم يمض مدة مديدة بينه وبينكم.
و (الكلم) بفتح الكاف من قولهم: كلمته كلما - من باب قتل - أي جرحته، ومن باب ضرب لغة أيضا، ثم أطلق المصدر اسما على الجرح ويجمع على كلوم وكلام،