لأن الشفا بمعنى الشفة فإن شفا البئر وشفتها طرفها كالجانب والجانبة، وأصله شفو - بالواو - قلبت الواو ألفا في المذكر وحذفت في المؤنث، قال الأخفش: لما لم تجز فيه الإمالة عرف انه من الواو لأن الإمالة إنما تكون من الياء (1)، والتثنية شفوان وجمعه أشفاء، ومنه قولهم: أشفى فلان على كذا أي أشرف عليه كاشراف المريض على الموت.
وقوله تعالى: (شفا جرف هار)) أي طرف موضع جرفه السيول أي أكلت ما تحته، وهار مقلوب من هائر مثل قولهم شاكي السلاح وأصله شائك السلاح على وجه.
قولها (عليها السلام): (مذقة الشارب ونهزة الطامع) مذقة الشارب - بضم الميم - شربته وهو ما يذاق ويشرب مثل الغرفة بمعنى ما يغرف، من قولهم: ذقت الشيء أذوقه ذوقا ومذاقا ومذاقة.
وأصل الذوق ادراك طعم الشيء بواسطة الرطوبة المنبثة بالعصب المفروش على عضل اللسان، وقد يطلق الذوق على نفس تلك القوة وعلى القوة الادراكية التي لها اختصاص بادراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية، وذقت ما عند فلان خبرته وجربته، وأذاقه الله وبال أمره أي أصابه به.
و (النهزة) بالضم الفرصة من قولهم: انتهزها أي اغتنمها وبادر وقتها، وناهزتهم الفرص أي بادرتهم إليها، والأصل من قولهم نهز رأسه - من باب منع - حركه، والفرصة محل الحركة والعمل بالشيء وزمان المهلة ونفس المهلة.
ونهز فلان راحلته أي دفعها في السير، ونهز لكذا أي نهض لتناوله، والمراد من كونهم مذقة الشارب كونهم قليلين، ومن كونهم نهزة الطامع كونهم محل نهزته كناية عن القلة أيضا أي كنتم أذلاء قليلين يكاد أن يتخطفكم الناس بسهولة، وكذا قولها (عليها السلام): وقبسة العجلان وموطئ الأقدام.