وبعض العرب يقول في تثنيته: دموان، وقال سيبويه: الدم أصله دمي - بالتسكين - لأنه يجمع على دماء ودمي مثل ظبي وظباء وظبي، ودلو ودلاء ودلي، قال: ولو كان مثل قفا وعصا لما جمع على ذلك، وقال المبرد: أصله فعل - بالتحريك - وإن جاء جمعه مخالفا لنظائره، والذاهب منه الياء، والدليل عليها قولهم في تثنيته: دميان (١).
وبالجملة فالدماء جمع دم وأصله دماو أو دماي قلبت الواو أو الياء ألفا ثم همزة لوقوعها بعد الألف الزائدة، والمصغر دمي، والنسبة إليه دموي أو دميي أو دمي، كما أن التثنية دموان أو دميان أو دمان، وهو اسم جامد لكن جاء منه الفعل المجرد كما أشير إليه، يقال: دمى يدمى فهو دام، وشجة دامية أي التي يخرج دمها ولا يسيل فإن سال فهي الدامعة، وأدميته أنا إذا جرحته حتى خرج منه الدم.
قولها (عليها السلام): (والقصاص حقنا للدماء) أي أن الله جعله سببا لحقن الدماء، وهو إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ولكم في القصاص حياة﴾ (2)، قال أهل المعاني والبيان: وكلام الله هذا من باب إيجاز القصر الذي ليس فيه حذف، فإن معناه كثير ولفظه يسير، لأن المراد به ان الإنسان إذا علم أنه متى قتل قتل كان ذلك داعيا أن لا يقدم على القتل، فارتفع بالقتل الذي هو القصاص كثير من قتل الناس بعضهم لبعض، وكان ارتفاع ذلك حياة لهم.
وفضل هذا الكلام ورجحانه على ما كان عندهم أوجز كلام في هذا المعنى، وهو قولهم: (القتل أنفى للقتل) بقلة حروف ما يقابله منه وهو قوله تعالى: (في القصاص حياة) لأنه قوله: (لكم) لا مدخل له في المقابلة.
ووجه القلة أن حروف قوله تعالى: (في القصاص حياة) أحد عشر إن اعتبر التنوين وإلا فعشرة، وحروف (القتل أنفى للقتل) أربعة عشر، والمعتبر الحروف الملفوظة لا المكتوبة لأن الإيجاز انما يتعلق بالعبارة دون الكتابة، وفيه النص على