بحيث لا يكاد يوجد فهو عزيز الوجود، وأصله من المعنى السابق أيضا، فإن الشيء كلما قل صار ذا عزة وكرامة، وإليه يشير قولهم: (كل شئ إذا كثر رخص إلا العقل، فإنه إذا كثر غلا) وعز علي كذا - من باب تعب - أي اشتد علي كذا.
ومنه قول الحسين (عليه السلام) يوم الطف للقاسم بن الحسن حين وقف على رأسه بعد الشهادة: (يا ابن أخي يعز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك) (١).
ومن أسمائه تعالى العزيز أي الغالب القوي الذي لا يغلب، قيل: والعزيز في لغة العرب الملك، والمعز أي الذي يهب العز لمن يشاء من عباده، ﴿قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء﴾ (2).
والدعوة مصدر دعا يدعو دعاء ودعوة، وتطلق على ما يدعى به، وفي الدعاء: (اللهم رب الدعوة التامة) (3) أي النافعة أو الكاملة التي لا نقص فيها، أو المباركة الكثيرة الخير والبركة، والمراد بها أصول المعرفة التي دعا الله الناس إليها، وهي تستتبع الدعوة الفروعية أيضا، أو المراد بالدعوة أعم من الأصولية والفروعية التي دعا الله إليها بلسان الأنبياء، فهم يستدلون عليها بخلق الأشياء، ويشتمل على كلها كلمة الإسلام وكلمة التوحيد، كما هو واضح عند من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وفي الحديث: (أنا دعوة إبراهيم) (4) قيل: هي قوله تعالى حكاية عنه (عليه السلام): (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) (5) وفي الخبر انها