فقد عبده) (١).
وأصل العبد خلاف الحر مشتق من العبادة، أو العبادة مأخوذة منه، وهي بمعنى غاية الخضوع والتذلل، وهي لا تحسن إلا لله الذي هو مولى جميع النعم صغيرة أو كبيرة، فهو حقيق لغاية الشكر، والإطلاق في عابد الوثن ونحوه مجازي بملاحظة التشبه الصوري.
والفقرة إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ (2) أي لأجل العبادة المستلزمة للمعرفة أيضا، إذ لا معنى للعبادة بدون المعرفة، ولذا فسر قوله تعالى: (ليعبدون) بنحو ليعرفون أيضا، إذ الغرض في خلقهم تعريضهم للثواب، وتبعيدهم عن العقاب، ولا يحصل ذلك إلا بأداء العبادات، وسلوك طريق القربات.
والتعبد التنسك أيضا، ومنه قوله (عليه السلام): (سجدت لك تعبدا ورقا) (3) والتعبد الدوام على العبادة، ومنه العابد المتعبد للعابد الدائم على العبادة، ولا يصح هذا المعنى هنا إلا على القول بان المفعول لأجله يجوز أن يكون فعلا لغير فاعل الفعل المعلل به، كما ذكره نجم الأئمة واستشهد عليه بقول علي (عليه السلام) في نهج البلاغة في إبليس: (فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما للبلية، وإنجازا للعدة) (4)، ويمكن تأويله بحيث لا يستلزم التفكيك بين فقرات الخطبة.
وقال المحقق الطوسي في الأخلاق الناصرية: عبادة الله تعالى ثلاثة أنواع:
الأول ما يجب على الأبدان كالعبادات البدنية، الثاني ما يجب على النفوس كالاعتقادات الصحيحة في أصول المعرفة، الثالث ما يجب عند مشاركة الناس في