وورد أن عليا (عليه السلام) اقتسم أشغال البيت مع فاطمة (عليها السلام)، فكان علي يحتطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز (١).
وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله) رأى فاطمة يوما وعليها كساء من أجلة الإبل، وهي تطحن بيدها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقالت: يا رسول الله الحمد لله على نعمائه، وأشكره على آلائه، فأنزل الله تعالى: ﴿ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾ (2)، ثم أرسل إليها بعد مدة فضة الخادمة المشهورة لتخدمها (3).
وروي أنه كان عند النبي (صلى الله عليه وآله) أسارى، وكانت فاطمة (عليها السلام) تشتكي إلى علي (عليه السلام) يديها مما تطحن بالرحى، فأمرها علي (عليه السلام) أن تطلب من النبي (صلى الله عليه وآله) خادمة، فدخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وذكرت حالها وسألت جارية، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا فاطمة اني أريد أن لا ينفك عنك أجرك إلى الجارية، واني أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي الله عز وجل إذا طلب حقه منك، ثم علمها صلاة التسبيح، فقال علي (عليه السلام): مضيت تريدين من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدنيا فأعطانا الله ثواب الآخرة.
فلما خرجت فاطمة (عليها السلام) أنزل الله على رسوله: (واما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) (4) يعني عن قرابتك وابنتك فاطمة ((إبتغاء)) يعني طلب ((رحمة من ربك)) يعني رزقا من ربك ترجوها ((فقل لهم قولا ميسورا)) يعني قولا حسنا، فلما نزلت هذه الآية أنفذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) جارية إليها