ثم قالت: وأنا أوصيك وأعزم عليك بالله سبحانه لو كنت في حال الحياة أن تكوني عندها في تلك الحالة ولا تتركيها وحيدة، وقبلت تلك الوصية منها فأريد أن أعمل بها ولا أخالفها، فبكى النبي (صلى الله عليه وآله) ودعا لها وقال: اللهم استر أسماء واحفظها في ليلها ونهارها، واسترها في دنياها وآخرتها، واقض لها حاجاتها، ثم قال: يا أسماء نعم الرأي رأيك، فكوني معها ثلاثة أيام أو سبعة (1).
فلما ذهب النبي (صلى الله عليه وآله) أخمدت فاطمة (عليها السلام) المصباح في البيت حياء، إلا أن نور وجهها يكاد يخطف الأبصار، فأضاء منه الدار، قال علي (عليه السلام): فلما نظرت إلى وجه فاطمة أخذتني هيبة عظيمة من جهة كونها أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) في الشمائل الحسنة، والكلام والإشارة، فذهبت إلى زاوية البيت وجلست ساعة، ثم قلت: يا بنت رسول الله إن لي ورد صلاة أريد أن أأديها، قالت فاطمة: عليك بها، فقامت هي أيضا ووقفت في عقبي تصلي معي حتى طلع الصبح، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) ودق الباب وقال: السلام عليكم أهل البيت، أأدخل رحمكم الله؟! (2).
قالت أسماء: ففتحت الباب وكانت غداة قرة، وهما مجتمعان من جهة قر السحر تحت العباءة، وكان فراش علي وفاطمة حين دخلت عليه اهاب كبش إذا أرادا أن يناما عليه قلباه فناما على صوفه، وكانت وسادتها أدما حشوه ليف، وكان سترهما عباءة، فأرادا أن يقوما ويفترقا، فأقسم عليهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكونا كما كانا، فجاء وجلس بينهما ومد رجليه على فراشهما، فأخذ بإحداهما علي وبالأخرى فاطمة فضماهما إليهما حتى دفئتا.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي كيف وجدت أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله، وقال لفاطمة مثل ذلك فأجابت كذلك، ثم قال: يا علي جئني بكوز من الماء، فلما أتى به قرأ النبي (صلى الله عليه وآله) آيا من القرآن الكريم