رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كنت آخذه وأحفظه حين كان يجيء في وقت الحر وينام ويعرق من جهة الحرارة، وجاءت معه بشئ آخر أبيض أطيب من المسك الأذفر، فسألت عنه فقالت: كان يجيء إلى أبي أحيانا رجل يقال له:
((دحية الكلبي)) فإذا قام وذهب كان يسقط منه هذا الزغب، فسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك فقال: يا بنيتي إنما كان هو جبرئيل، وطوبى لك حيث أن طيبك كان من زغب جبرئيل روح الأمين، وعرق أبيك سيد المرسلين (1).
فلما صار وقت صلاة المغرب ذهب علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو كان في المسجد يستغفر ويسبح، فلما رآه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي تهيأ فإن أهلك تجيء إليك هذه الليلة، فراح علي (عليه السلام) إلى الحجرة المهيئة له، فأتى برمل لين ففرشه، وأخذ خشبا فوضعه من الجدار إلى الجدار الآخر ليلقي عليه الثياب قبال الباب، وفرش جلد شاة، ووضع مخدة من ليف.
ثم أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بنقل جهاز فاطمة (عليها السلام) إلى دار علي، وأمر أسماء بنت عميس فأخبرت بنات عبد المطلب ونساء قريش وسائر الأنصار والمهاجرين أن يحضرن هذه الليلة لزفاف فاطمة بنت سيد المرسلين.
فجاء النبي (صلى الله عليه وآله) بعد العتمة وأمر أم سلمة أن تأتي إليه بفاطمة محلاة بحلي أمها خديجة، وقال للنساء: سرن مع فاطمة إلى بيت علي، وأمرهن باظهار السرور والابتهاج والفرح والارتجاز بلا فحش وكذب، مكبرات ومهللات ومحمدات، ونزلت سبعون حورية أحاطوا بفاطمة قائلات: ((لا إله إلا الله، ما أكرم محمدا وأهل بيته على الله)).
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: ثم أمر النبي (صلى الله عليه وآله) فأتي ببغلته الدلدل أو الشهباء، وثنى عليها قطيفة فأخرج فاطمة إلى باب الحجرة،