من أهل السماوات والأرضين، وحضور الملائكة العالين والسافلين، فقال في خطبته:
((الحمد لله الأول قبل أولية الأولين، الباقي بعد فناء العالمين، نحمده إذ جعلنا ملائكة روحانيين، وبربوبيته مذعنين، وله على ما أنعم علينا شاكرين، حجبنا من الذنوب، وسترنا من العيوب، أسكننا في السماوات، وقربنا إلى السرادقات، وحجب عنا النهم للشهوات، وجعل نهمتنا وشهوتنا في تقديسه وتسبيحه، الباسط رحمته، الواهب نعمته، جل عن إلحاد أهل الأرض من المشركين، وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين، أنذرنا بأسه، وعرفنا سلطانه، توحد فعلى في الملكوت الأعلى، واحتجب عن الأبصار، وأظلم نور عزته الأنوار، فكان من إسباغ نعمته، وإتمام فضيلته أن ركب الشهوات في بني آدم، إذ خصهم بالأمر اللازم لينشر لهم الأولاد، ويهيئ لهم البلاد، فجعل الحياة سبيل ألفتهم، والموت غاية فرقتهم، وإلى الله المصير)).
ثم قال بعد كلام له: ((وقد اختار الملك الجبار، صفوة كرمه وعبد عظمته لأمته سيدة النساء، بنت خير النبيين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، صاحب المقام المحمود، واليوم المشهود، والحوض المورود، فوصل حبله بحبل رجل من أهله، صاحبه المصدق، وعونه المبادر إلى كلمته، علي الوصول بفاطمة البتول ابنة الرسول)) (1).
ثم نزل جبرئيل عقب الخطبة بالحديث القدسي من عند الله سبحانه، وهو قوله:
((الحمد ردائي، والعظمة كبريائي، والخلق كلهم عبيدي وإمائي، زوجت فاطمة أمتي من علي صفوتي، فاشهدوا ملائكتي)) فشهدت بذلك حملة العرش وسائر الملائكة (2).