من الأعذار الشرعية والعرفية، فردهم في ذلك وجبههم بوجه حالك إلى أن زوجها من علي (عليه السلام) على نحو ما يأتي.
وقد ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا﴾ (1)، أن النسب ما يحرم نكاحه والصهر ما يحل نكاحه، ولم يجتمع النسبة والصهرية بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لأحد من الصحابة إلا لعلي (عليه السلام)، حيث أنه كان ابن عمه وزوج ابنته دون سائر الصحابة (2).
وتفصيل هذه الجملة على ما روي في الأخبار الكثيرة، بألفاظ مختلفة ومعان متفقة أنه لما بلغت فاطمة خطبها أكابر قريش من أهل الإسلام والسابقة والشرف والمنزلة، وأرباب الجاه والثروة والمال والدولة، فرد كلا منهم بنحو من الجواب ونوع من الفصل الخطاب.
وكان من جملة الخطاب أبو بكر وعمر بن الخطاب وغيرهما من وجوه الأصحاب، ولقد أتى أولا أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لخطبة فاطمة (عليها السلام) وقال بعد السلام والجواب: يا رسول الله انك تعلم إسلامي وسابقة صحبتي، وأنا من كبار قريش، واني قد سمعت منك انك تقول: ((كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي)) واني لراغب في أن تزوجني فاطمة، وتخصني بهذه الكرامة.
فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يجبه، فأعاد الكلام إلى ثلاث مرات وكان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يجيبه كل مرة، فقال في المرة الثالثة: إن أمر فاطمة إلى ربها يزوجها ممن يشاء.
فخرج أبو بكر بعد سماع الجواب فلقيه عمر بن الخطاب، فحكى له الحال وقال:
إني أخاف أن يكون في قلب رسول الله كراهة مني أو ملال، وله علي سخط من جهة عارضة، وهذا الإعراض من تلك الجهة، فقال عمر: كن على حالك حتى أخطب أنا أيضا من رسول الله فاطمة، فإن أجاب لي بما أجاب لك فكن آمنا مما يخطر ببالك.