ثم تزوجت برسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد مضى من عمرها الشريف أربعون سنة، أو ستة وعشرون، أو ثمانية وعشرون على الخلاف والاختلاف، والنبي (صلى الله عليه وآله) يومئذ ابن خمس وعشرين سنة.
وكانت هي تحبه حبا شديدا، وكانت تنشئ الأشعار في اظهار المحبة للنبي المختار (صلى الله عليه وآله)، ومن أشعارها التي أنشأتها فيه على ما ذكره في المقامع، قولها سلام الله عليها:
أيا ريح الجنوب لعل علما * من الأحباب يطفي بعض حري ولولا حملوك إلي منهم * سلاما أشتريه ولو بعمري وحق ودادكم اني كتوم * واني لا أبوح لكم بسري أراني الله وصلكم قريبا * فكم يسر أتى من بعد عسر فيوم من فراقكم كشهر * وشهر من وصالكم كدهر ومنها أيضا:
يا سعد إن جزت بوادي الأراك * أنشد قلبا ضاع مني هناك واستفت غزلان النقاء سائلا * هل لأسير الحب منهم فكاك وإن ترى ركبا بوادي الحمى * سائلهم عني ومن لي بذاك نعم سروا واستصحبوا مهجتي * الآن عيني تشتهي أن تراك ما في من عضو ولا مفصل * إلا وقد ركب فيه هواك أوعدتني بالهجر بعد الوفاء * فأين الوفاء حتى تجازي بذاك فاحكم بما شئت وما ترتضي * فالقلب ما يرضيه إلا رضاك (1) وكانت هي أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) من النساء، وصدقت بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) عن الله تعالى، ووازرته على أموره بعد البعثة بل في كل حالة، فخفف الله تعالى بذلك عن النبي (صلى الله عليه وآله) كل شديدة.