ووجه اختصاص تولدها بتلك الساعة لعله أن تكون مستورة عن عيون الأجانبة، وبها (عليها السلام) فسر قوله تعالى: ﴿إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم﴾ (1) أي إنا أنزلنا نور فاطمة (عليها السلام) في ليلة الجمعة، أو أنزلنا نور الإمامة في فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهي الليلة المباركة، فالضمير في ((إنا أنزلناه)) راجع إلى نور الإمامة، ولذا ورد استحباب قراءة سورة القدر عشر مرات في تلك الساعة من كل ليلة خصوصا ليلة الجمعة، وليلة القدر أيضا هي تلك الليلة المباركة.
وروي أنه لما حان وقت حملها نزل جبرئيل بأمر الله تعالى، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يترك المخالطة مع الناس، ويختار الخلوة والعزلة، ويشتغل بعبادة الله سبحانه، ولا يأكل من طعام أهل الدنيا ولو لقمة، ولا يشرب من مياههم ولو جرعة، بل يكون صائما أبدا ويفطر برطب الجنة أو تينها أو تفاحها، إلى أن انعقد النطفة من طعام الجنة بعد أن تكون أصل تلك النطفة في ليلة الاسراء بأكل هذه الطيبات، على ما مر في تسميتها بالإنسية الحوراء.
وفي الليلة المتممة للأربعة قارب (صلى الله عليه وآله) مع خديجة أم المؤمنين قبل عشاء الآخرة، فانعقد تلك النطفة الطيبة النورية، فولدتها بعد تسعة أشهر من الحمل في متمم العشرين من جمادي الآخرة، وكان حملها وولادتها بمكة في دار خديجة، وهي دار كريمة معروفة نزلت فيها حواء ومريم وآسية مع جمع كثير من الملائكة.
كما ورد في الرواية المبينة لكيفية ولادتها التي رواها الصدوق في أماليه عن المفضل بن عمر حيث قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف كان ولادة فاطمة (عليها السلام)؟ فقال: نعم، إن خديجة لما تزوج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكة، فكن لا يدخلن عليها ولا يسلمن عليها، ولا يتركن امرأة تدخل عليها.