فقال لها: أحسنت يا حرة، فبم تفضيله على عيسى بن مريم؟ قالت: الله فضله عليه بقوله: ﴿وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله﴾ (١)، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) لما ادعوا النصيرية فيه ما ادعوا لم يعاتبه الله سبحانه، فقال: أحسنت يا حرة خرجت من جوابك، وأعطاها وسرحها سراحا حسنا (٢).
أقول: هذا الجواب منها قد ورد في الأخبار ولكن لم يجتمع في خبر.
وفي كتاب المناقب مسندا إلى صعصعة بن صوحان، أنه دخل على أمير المؤمنين لما ضرب فقال: يا أمير المؤمنين أنت أفضل أم آدم أبو البشر؟ قال علي (عليه السلام): تزكية المرء نفسه قبيح، قال الله تعالى لآدم: ﴿يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة...﴾ (٣) وإن أكثر الأشياء أباحنيها الله تعالى وتركتها وما قاربتها.
ثم قال: أنت أفضل أم نوح؟ فقال علي (عليه السلام): إن نوحا دعا على قومه وأنا ما دعوت على ظالمي حقي، وابن نوح كان كافرا وابناي سيدا شباب أهل الجنة.
قال: أنت أفضل أم موسى؟ قال: إن الله تعالى أرسل موسى إلى فرعون فقال:
﴿إني أخاف أن يكذبون﴾ (٤) حتى قال الله تعالى: ﴿لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون﴾ (٥)، وقال: ﴿رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون﴾ (6) وأنا ما خفت حين أرسلني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتبليغ سورة براءة أن أقرأها على قريش في الموسم، مع اني كنت قتلت كثيرا من صناديدهم، فذهبت بها إليهم وقرأتها عليهم وما خفتهم.
قال: أنت أفضل أم عيسى بن مريم؟ فقال: عيسى كانت أمه في بيت المقدس،