بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، ليعلموا أن باب النبوة قد ضم، وباب الولاية قد فتح، وهو إشارة إلى بعث علي (عليه السلام) مع الأنبياء باطنا، وإلى سر الولاية التي ظهرت بعد محمد (صلى الله عليه وآله)، ليكون علماء أمته الذين هم الأولياء وأعين الناس في سوادية دائرة الولاية وبياضيتها بالنسبة إلى الحق (1).
أقول: هذا الذي رواه من بعثة علي باطنا قد روى مضمونه في أخبار أهل البيت عن علي (عليه السلام)، وهو إشارة إلى سر إلهي في الغاية القصوى من التحقيق، وهو انه قد روي عنه (عليه السلام) أنه قال في جواب من ذكر فضائل الأنبياء الذين ذكرهم الله في القرآن، وخص كلا منهم بنوع من التأييدات الإلهية، كنجاة إبراهيم (عليه السلام) من نار نمرود وجعلها عليه بردا وسلاما... الخ، فقال (عليه السلام): والله كنت مع إبراهيم في النار، وأنا الذي جعلتها عليه بردا وسلاما، وكنت مع نوح في السفينة فأنجيته من الغرق، وكنت مع موسى فعلمته التوراة، وأنطقت عيسى في المهد وعلمته الإنجيل، وكنت مع يوسف في الجب فأنجيته من كيد إخوته، وكنت مع سليمان على البساط وسخرت له الرياح (2).
وفي الروايات الخاصية ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان جالسا يوما معه رجل من الجن يسأله عن أشياء من أحكام الدين، فدخل علي (عليه السلام) فتصاغر ذلك الجني خوفا حتى صار مثل العصفور، فقال: يا رسول الله أجرني من هذا الشاب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ولم تخافه؟ فقال: ((اني تمردت على سليمان بن داود وسلكت البحار، فأرسل إلي جماعة من الجن والشياطين فلم يقدروا علي، وأتاني هذا الشاب وبيده حربة، فضربني بها على كتفي وإلى الآن أثر جراحته، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ادن من علي حتى تطيب جراحتك، وتؤمن به، وتكون من شيعته، ففعل (3).