واختلف من قال: إنه على عمومه هل المراد به الصدقة بالماء أو استعماله على قولين والصحيح أنه استعماله.
قال الإمام المازري: لا شك أن علم الطب من أكثر العلوم احتياجا إلى التفصيل حتى أن المريض يكون الشئ دواء له في ساعة، فيصير داء له في الساعة التي تليها لعارض يعرض له، فإذا فرض وجود الشفاء لشخص بشئ من حاله ما لم يلزم منه وجود الشفاء به له أو لغيره في سائر الأحوال، والأطباء مجمعون على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والزمان والعادة والغذاء والتأثير المألوف وقوة الطباع، ويحتمل أن يكون هذا في وقت مخصوص، فيكون من الخواص التي اطلع عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، ويضمحل عند ذلك جميع كلام أهل الطب.
الخامس: جعل ابن القيم خطابه - صلى الله عليه وسلم - خاصا بأهل الحجاز وما والاهم إذا كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية العرضية الحادثة عن شدة حرارة الشمس، قال: وهذا ينفع فيها الماء البارد شربا واغتسالا لأن الحمى حرارة تستعمل في القلب، وتنبت منه بتوسط الروح والدم في الشرايين والعروق إلى جميع البدن، وهي قسمان: عرضية وهي الحادثة عن ورم أو حركة أو إصابة حرارة الشمس ونحو ذلك ومرضية: وهي ثلاثة أنواع، وتكون من مادة ومنها ما يسخن جميع البدن، فإن كان مبدأ تعلقها بالروح سميت حمى يوم، لأنها في الغالب تزول في يوم، ونهايتها ثلاثة أيام وإن كان مبدأ تعلقها بالأخلاط سميت عفنية، وهي أربعة أصناف: صفراوية وسوداوية وبلغمية ودموية.
وتحت هذه الأنواع المذكورة أصناف كثيرة بسبب الإفراد والتركيب انتهى.