عجزت الأولى عن تسكينه، والثالثة ما عجزت عنه الثانية، وأيضا، فإنه أسلم لحرارة المعدة وأبقى عليها من أن يهجم عليها البارد، وهلة واحدة، فيطفئ الحرارة الغريزية، ويؤدي إلى فساد مزاج المعدة والكبد، وإلى أمراض رديئة.
وقوله: (وأمرأ): بميم بعد الهمزة، أي: ألذ وأنفع، وقيل: أسرع انحدارا عن المرئ لسهولته وخفته عليه.
ومن آفات الشرب دفعة واحدة أنه يخاف منه الشرق، لأن الشارب إذا شرب تصاعد البخار الدخاني الحار الذي كان على القلب والكبد لورود الماء البارد عليه، فإذا أدام الشرب اتفق نزول الماء وصعود البخار، فيتدافعان ويتعالجان ومن ذلك يحدث الشرق ولا يهنأ الشارب ولا يتم ريه وقد علم بالتجربة أن ورود الماء على الكبد يؤلمها ويضعف حرارتها، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (أصل الكباد من العب).
قال في المنهج السوي: الكباد بضم الكاف وتخفيف الباء. وجع الكبد.
الرابع: في كثرة أمراضه.
روى ابن السني وأبو نعيم عن هشام عن عروة عن أبيه قال: (قلت لعائشة: يا أم المؤمنين، وفي لفظ: يا خالة، إني لأفكر في أمرك وأتعجب، إني وجدتك عالمة بالطب، فمن أين؟ قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما طعن في السن كثرت أسقامه، فوفدت إليه وفود العرب والعجم فتنعت له فكنا نعالجه) (1).
وروى ابن سعد عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا سقاما، وكانت العرب تنعت له فيتداوى بما تنعت له العرب فيتداوى).
وروى البيهقي وأبو داود عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات) ومسح عنه بيده.
وروى مسلم عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى رقاه جبريل، بسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل عين) (2).
وروى الخطيب عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى تقمح كفا من شونيز وشرب عليه ماء وعسلا (3).
وروى مسلم عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - إذا