التطويل يقتضي الادراك لا عدمه، قال: فكأن الألف زيدت بعد " لا " قلت: هو توجيه حسن لو ساعدته الرواية.
وقال أبو الزناد بن سراج: معناه أنه كان به ضعف وكان إذا طول به الامام في القيام لا يبلغ الركوع إلا وقد ازداد ضعفه، فلا يكاد يتم معه الصلاة قلت: وهو معنى حسن، لكن رواه المصنف عن الفريابي عن سفيان بهذا الاسناد بلفظ: " إني لاتأخر عن الصلاة " أي لا أقرب من الصلاة في الجماعة بل أتأخر أحيانا من أجل التطويل.
الخامس: قوله " لم يبلغوا الحنث " قال الحافظ: المعنى أنهم قد ماتوا قبل أن يبلغوا، لان الاثم إنما يكتب بعد البلوغ فكأن السر فيه إنما أنه لا ينسب إليهم إذ ذاك عقوق فيكون الحزن عليهم، وفي الحديث ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص على تعاليم من أمور دينهم، وجواز كلام النساء مع الرجال في ذلك، وفيه جواز الوعد، وأن أطفال المسلمين في الجنة، وإن من له ولد إن حجباه من النار، ولا اختصاص لذلك بالنساء انتهى وكذلك لم يبلغ الحنث.
السادس: قوله " صدقا " قال الحافظ، احتراز من شهادة المنافق قال الطيبي: " صدقا " هنا أقيم مقام الاستقامة، لان الصدق يعبر عنه قولا من مطابقة القول المخبر عنه، ويعبر به فعلا عن تحري الأخلاق المرضية، كقوله تعالى: (والذي جاء بالصدق وصدق به) (الزمر / 33) أي خفف ما أورده قولا بما تحراه فعلا انتهى، وأراد بهذا التقرير رفع الاشكال عن ظاهر الخبر، لأنه يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم والتأكيد، لكن دلت الأدلة القطعية عند أهل السنة على أن طائفة من عصاة المؤمنين يعذبون، ثم يخرجون من النار بالشفاعة، فعلم أن ظاهرة غير مراد، فكأنه قال: إن ذلك مقيد بمن عمل الأعمال الصالحة، ولأجل خفاء ذلك لم يؤذن في التبشير به.
وقد أجاب العلماء عن الاشكال أيضا بأجوبة أخرى منها: أن مطلقه مقيد بمن قالها تاما ثم مات على ذلك، ومنها إن ذلك كان قبل نزول أكثر الفرائض، وفيه نظر، لان مثل هذا الحديث وقع لأبي هريرة، كما رواه مسلم، وصحبته متأخرة عن نزول أكثر الفرائض، وكذا أورد نحوه من حديث أبي موسى رواه أحمد بإسناد حسن، وكان قدومه في السنة التي قدم فيها أبو هريرة.
ومنها أنه خرج مخرج الغالب، إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعة، ويجتنب المعصية.
ومنها أن المراد بتحريمه على النار تحريم خلوده فيها لا أصل دخولها.
ومنها أن المراد بالنار التي أعدت للكافرين لا الطبقة التي أفردت لعصاة الموحدين.