الباب الثاني في تكثيره صلى الله عليه وسلم ماء الميضاء والقدح روى الإمام أحمد والشيخان وأبو محمد بن جرير الطبري (عن أبي قتادة والبيهقي عن أنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فقال لأبي قتادة: " أمعكم ماء؟ " قلت:
نعم، في ميضاة فيها شئ من ماء، قال: " ائت بها " قال: فأتيته بها فقال لأصحابه: " تعالوا مسوا منها فتوضئوا "، وجعل يصب عليهم، فتوضأ القوم، وبقيت جرعة، فقال: " يا أبا قتادة، احفظها، فإنها ستكون لها نبأ " فذكر الحديث إلى أن قال: فقالوا: يا رسول الله، هلكنا عطشنا، انقطعت الأعناق، فقال: " لا هلك عليكم " ثم قال: " يا أبا قتادة، ائت بالميضاة " فأتيته بها، فقال:
" أطلقوا لي غمري " - يعني قدحي - فحللته فأتيته به، فجعل يصب فيه ويسقي الناس، فازدحم الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيها الناس (1) أحسنوا الملا، فكلكم سيروى "، فشرب القوم، وسقوا دوابهم وركابهم وملئوا ما كان معهم من إداوة وقربة ومزادة حتى لم يبق غيري وغيره، قال: " اشرب يا أبا قتادة "، قلت: اشرب أنت يا رسول الله، قال: " ساقي القوم آخرهم شربا " فشربت، وشرب بعدي، وبقي في الميضاة نحو مما كان فيها وهم يومئذ ثلاثمائة (2).
قصة أخرى.
روي عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن فأصابنا جهد شديد فأتى بشئ من ماء في إداوة، فأمر بها فصبت في قدح، فجعلنا نتطهر حتى تطهرنا جميعا، وفي لفظ: فأفرغها في قدح فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة وكنا أربع عشرة مائة (3).
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
الميضاة: بكسر الميم والقصر وقد تمد وزنها مفعلة ومفعال وميمها زائدة: مطهرة كبيرة.
الجرعة: بجيم مضمومة فراء ساكنة فعين مهملة: الاسم من الشرب اليسير وبفتح الجيم المرة الواحدة منه.
غمري: بضم الغين المعجمة أي أحلل لي قدحي.