الباب الثاني في استماعه - صلى الله عليه وسلم - لشعر أصحابه في المسجد وخارجه روى الإمام أحمد والترمذي وصححه وأبو بكر بن أبي خيثمة عن سماك بن حرب - رضي الله تعالى عنه - قال: قلت لجابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه -: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم كان أصحابه يتناشدون الشعر، ويتذاكرون شيئا من أمر الجاهلية، وهو ساكت وربما تبسم معهم.
وروى الإمام أحمد والشيخان عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت، قليل الضحك، وكان أصحابه - رضي الله تعالى عنهم - يذكرون عنده الشعر، وأشياء من أمورهم فيضحكون، وربما تبسم.
وروي أيضا عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر، وأشياء من الجاهلية، فربما تبسم معهم.
وروى الإمام أحمد وأبو داود موصولا عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن عمر - رضي الله تعالى عنه - مر بحسان وهو ينشد الشعر في المسجد، فلحظ إليه شرارا فقال: قد كنت أنشد الشعر فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - فقال: أنشدك الله، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عني، اللهم أيده بروح القدس، قال:
اللهم نعم.
وروى الإمام أحمد والنسائي عن الأسود بن سريع - رضي الله تعالى عنه - قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني حمدت ربي - عز وجل - بمحامد ومد وإياك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إن ربك يحب المدح، هات ما حمدت به ربك تعالى، قال: فجعلت أنشده وذكر الحديث ويأتي بتمامه في مناقب عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - عن الحسن بن عبيد الله، قال: حدثني من سمع النابغة الجعدي، يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشدني قولي:
وإنا لقوم ما نعود خيلنا إذا ما التقينا أن نحيد وتنفرا وننكر يوم الروع ألوان خيلنا من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا وليس بمعروف لنا أن نردها صحاحا ولا مستنكر أن تعقرا بلغنا السماء مجدنا وجدودنا وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إلى أين؟ " قلت: إلى الجنة، قال: " نعم! إن شاء الله " قال: فأنشدته: