الباب الثاني في انقياد الشجر له صلى الله عليه وسلم روى مسلم وأبو نعيم والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: " انقادي علي بإذن الله " فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حتى أتى إلى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها، وقال:
" انقادي علي بإذن الله تعالى "، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لام بينهما يعني جمعهما: فقال: " التئما علي بإذن الله "، فالتأمتا، قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد وقال محمد ابن عباد فيتبعد فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا. فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفة، فقال برأسه هكذا يمينا وشمالا (1).
قصة أخرى.
روى أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر فأراد أن يتبرز، فقال: " يا عبد الله، انظر هل ترى شيئا "، فنظرت فإذا شجرة واحدة، فأخبرته، فقال: " انظر هل ترى شيئا؟ " فنظرت شجرة أخرى متباعدة عن صاحبتها فأخبرته، فقال: " قل لهما: رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا "، فقلت لهما، فاجتمعتا ثم أتاهما فاستتر بهما ثم قام فانطلقت كل واحدة منهما إلى مكانها. رواه ابن سعد عن عطاء مرسلا (2).
قصة أخرى.
روى الإمام أحمد وابن سعد وابن أبي شيبة برجال ثقات والحاكم وصححه عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزل منزلا فقال لي: " ائت تلك الاشاءتين (يعني نخلتين) فقل لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا "، فأتيتهما، فقلت لهما ذلك، فوثبت إحداهما إلى الأخرى، فاجتمعتا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستتر بهما فقضى حاجته ثم وثبت كل واحدة منهما إلى مكانها (3).