الباب الرابع عشر في تكثيره صلى الله عليه وسلم أطعمة مختلفة غير ما تقدم روى أبو جعفر الفريابي وابن سعد وابن أبي شيبة والطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع لي أصحابك فجعلت أتتبعهم رجلا رجلا، فجئنا باب النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنا فأذن لنا، قال أبو هريرة فوضعت بين أيدينا صحفة صنيع قدر مد من شعير فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها يده وقال: " كلوا باسم الله " فأكلنا ما شئنا وكنا ما بين السبعين إلى الثمانين، ثم رفعنا أيدينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت الصحفة: " والذي نفسي بيده ما أمسى لآل محمد طعام ".
قيل لأنس: كم كانت حين فرغتم منها؟ قال مثلها حين وضعت إلا أن فيها أثر الأصابع (1).
قصة أخرى.
روى الطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم وابن عساكر عن واثلة بن الأسقع، قال: بعثني أهل الصفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون الجوع فالتفت في بيته، فقال: " هل من شئ؟ " قالوا:
نعم، كسرة أو كسرتين وشئ من لبن فأتي به ففتوه فتا دقيقا، ثم صب عليه اللبن ثم حلبه بيده حتى جعله كالثريد ثم قال: " يا واثلة، ادع عشرة من أصحابك " ففعلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلوا باسم الله من حواليها، وأبقوا رأسها فإن البركة تأتيها من فوقها وإنها تمد " فرأيتهم يأكلون ويتخللون أصابعه حتى تمثلوا شبعا ثم ذهبوا، فقال: " جئ بعشرة "، فقال لهم مثل ذلك، فأكلوا حتى شبعوا ثم قال: " هل بقي أحد "، قلت: نعم، عشرة، قال: " جئ بهم "، فقال لهم مثل ما قال لمن قبلهم فأكلوا حتى شبعوا، وحتى انتهوا وإن فيها فضلة، فقمت متعجبا مما رأيت (2).
قصة أخرى.
روى ابن سعد عن علي رضي الله عنه قال: نمنا ليلة بغير عشاء فأصبحت فالتمست فأصبت ما أشتري به طعاما ولحما بدرهم ثم أتيت به فاطمة فخبزت وطبخت فلما فرغت، قالت: لو أتيت أبي، فدعوته، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " أعوذ بالله من الجوع ضجيعا "، فقلت: يا رسول الله، عندنا طعام فهلم، فجاءوا والقدر تفور، فقال: " اغرفي لعائشة في صحفة " حتى غرفت لجميع نسائه، ثم قال: " اغرفي لأبيك وزوجك "، فغرفت، فقال:
" اغرفي فكلي، "، فغرفت ثم رفعت القدر، وإنها لتفيض فأكلنا منها ما شاء الله عز وجل (3).