الباب الثامن في استدانته - صلى الله عليه وسلم - برهن وبغيره وحسن وفائه وروى إسحاق وابن أبي شيبة والطبراني والبزار عن أبي رافع - رضي الله عنه - قال: نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف، فبعثني إلى يهودي، فقال: قل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بعني أو أسلفني إلى رجب، فأتيته فقلت له ذلك، فقال: والله، لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: والله، لو باعني أو أسلفني إني لأمين في السماء، أمين في الأرض، اذهب بدرع الحديد إليه، قال: فنزلت هذه الآية فيه، تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا) (1).
وروى الطبراني برجال الصحيح عن أبي حميد الساعدي - رضي الله تعالى عنه - قال استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل تمر لون، فلما جاء يتقاضاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عندنا اليوم من شئ، فلو تأخرت عنا حتى يأتينا شئ، فنقضيك، فقال الرجل: وا غدراه! فقام له عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعه يا عمر فإن لصاحب الحق مقالا "، انطلق إلى خولة بنت حكيم الأنصارية، فالتمسوا عندها تمرا، فانطلقوا، فقالت يا رسول الله، ما عندنا إلا تمر الذخيرة، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا فاقضوا فلما قضوه، أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: استوفيت؟ قال: نعم، أوفيت وأطيبت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن خيار عباد الله من هذه الأمة الموفون الطيبون " (2).
وروى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة عن أبي عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلف منه حين غزا حنينا ثلاثين ألفا أو أربعين ألفا وفي لفظ أحمد: ثمانين ألفا أو أربعين ألفا، فلما قدم قضاها إياه ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف الوفاء والحمد ورواه ابن أبي عمر، وابن أبي شيبة عن إسماعيل بن إبراهيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلف (3)... فذكره.
وروى الإمامان الشافعي وأحمد والشيخان والأربعة إلا أبا داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم دينار وفي لفظ سن من الإبل، فجاءه يتعاطاه، فأغلظ لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هم به وفي لفظ: فهم به بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" دعوه فإن لصاحب الحق مقالا "، فأعطوه فطلبوا سنا فلم يجدوا إلا سنا فوقها وفي لفظ " خيرا