فذهب مروان ليذهب فجذبته فنازعني بيده وارتفع، فلما رأيت ذلك قلت: أحدثتم بخير. وفي رواية (غيرتم، ثم أمر الابتداء بالصلاة، فقال: يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، قلت: كلا، والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرات)، وفي رواية (فقلت ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: (إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة) (1).
وروى الإمام أحمد، والخمسة، عن البراء - رضي الله تعالى عنه - قال: (كنا جلوسا في المصلى يوم الأضحى، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم على الناس، ثم قال: إن أول نسك يومكم هذه الصلاة، فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم، ثم استقبل الناس بوجهه، وأعطي قوسا، أو عصا فاتكأ عليها، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، وأمرهم، ونهاهم، وقال: (من كان منكم عجل ذبحا فإنما هي جزرة أطعمها أهله)، وفي رواية: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا، أن نصلي ثم نرجع فننحر، من فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة، فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شئ إنما الذبح بعد الصلاة) فقام إليه خالي أبو بردة بن نيار، فقال: أنا عجلت ذبح شاتي يا رسول الله، ليصنع لنا طعاما نجتمع عليه إذا رجعنا، وعندي جذعة هي أوفى من التي ذبحت أفتفي عني يا رسول الله؟ قال: (نعم، ولن تفي عن أحد بعدك)، ثم قال: (يا بلال) فمشى واتبعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى النساء، فقال: (يا معشر النسوان، تصدقن الصدقة خير لكن)، قال فما رأيت يوما قط أكثر خدمة مقطوعة، ولا قرطا من ذلك اليوم) (2).
وروى الإمام أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، عن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال: (شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام يتوكأ على بلال، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ الناس، وذكرهم، وحثهم على طاعته، فلما نزل)، وفي لفظ: فلما فرغ، نزل ومضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكرهن، فقال: (تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم)، فقالت امرأة من سطة الناس، وفي لفظ: من سفلة النساء سفعاء الخدين، فقالت: (لم يا رسول الله؟ قال: (لأنكن تكثرن الشكاية، وتكفرن العشير) فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن) وفي رواية: (فجعلت المرأة تلقي فتخها) (3).