قال: (صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر قاعدا في ثوب متوشحا به) (1).
وروى البيهقي في المعرفة عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد برد مخالف بين طرفيه، فلما أراد أن يقوم قال: (ادع لي أسامة بن زيد) فجاء فأسند ظهره إلى نحره فكان آخر صلاة صلاها) (2).
وروى النسائي عنه أيضا قال: آخر صلاة صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع القوم، صلى في ثوب واحد متوشحا به خلف أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - (3).
وروى ابن حبان في صحيحه، عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - (أن أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - صلى بالناس ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصف خلفه) (4).
تنبيه:
استشكلت هذه الأحاديث بما في الصحيح عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت:
لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فخرج أبو بكر يصلي فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة، فخرج يهادي بين رجلين، كأني أنظر إلى رجليه تخطان الأرض من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه أن مكانك، ثم أتي إلى أن جلس إلى جنبه، فقيل للأعمش، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته، والناس بصلاة أبي بكر فقال: نعم.
وعلم عن جابر نحوه، وفيه أن أبا بكر كان مأموما والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو الإمام، وفيه وأبو بكر يسمع الناس تكبيره.
والجواب أن هذه الأحاديث المختلفة، قد جمع بينها ابن حبان، والبيهقي، وابن حزم فقال ابن حبان: نحن نقول بمشيئة الله وتوفيقه، إن هذه الأخبار كلها صحاح، وليس شئ منها معارض الآخر، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في صلاته صلاتين في المسجد جماعة لا صلاة واحدة، وإحداها كان مأموما، وفي الأخرى كان إماما.
قال: والدليل على أنها كانت صلاتين لا صلاة واحدة، أن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بين رجلين، يريد بأحدهما العباس، والآخر عليا.