الخامس عشر: في اقتدائه - صلى الله عليه وسلم - بغيره.
وفيه نوعان:
الأول: في اقتدائه - صلى الله عليه وسلم - بعبد الرحمن بن عوف.
روى الإمام مالك، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله تعالى عنه - أنه عزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبرز النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط فحملت معه إداوة وذكر الحديث. ووضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال فيه وأقبلت معه حين سجد الناس، فقدموا عبد الرحمن بن عوف وقد ركع بهم ركعة، فلما أحسن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب يتأخر فأومأ إليه يصلي بهم فأدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأخيرة، فلما سلم عبد الرحمن، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين، فأكثروا التسبيح، فما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته، أقبل عليهم، ثم قال: (أحسنتم وأصبتم) يغبطهم أن صلوا الصلاة بوقتها (1).
وروى ابن سعد بسند صحيح عن المغيرة بن شعبة - رضي الله تعالى عنه - هل أم النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد [من هذه الأمة] غير أبي بكر الصديق؟ قال: نعم، كنا في سفر فلما كان عند السحر انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانطلقنا معه، حتى تبرزنا عن الناس، فنزل عن راحلته ثم انطلق فتغيب عني حتى ما أراه، فمكث طويلا، ثم جاء فصببت عليه فتوضأ ومسح على خفيه، ثم ركبنا، فأدركنا الناس، وقد أقيمت الصلاة، فتقدمهم عبد الرحمن بن عوف وقد صلى بهم ركعة وهم في الثانية فذهبت أوذنه، فنهاني فصلينا الركعة التي أدركنا وقضينا التي سبقتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين صلى عبد الرحمن بن عوف: (ما قبض نبي قط حتى يصلي خلف رجل صالح من أمته) (2).
الثاني: في اقتدائه - صلى الله عليه وسلم - بأبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه.
روى الإمام أحمد، والترمذي - وقال: حسن صحيح - عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر الصديق في مرضه الذي مات فيه قاعدا) (3).
وروى الترمذي - وقال: حسن صحيح - والنسائي، عن أنس - رضي الله تعالى عنه -