فجاء مروان فقال: يا أمير المؤمنين أسكت أم أتكلم؟ قال: بل تكلم. قال:
لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع ولكنك قلت ما قلت وقد بلغ السيل الزبى والله لإقامة على خطيئة تستغفر منها خير من توبة (عن) خوف وإنك لو شئت أقررت بالتوبة ولم تقر بالخطيئة وقد اجتمع لك؟ من الرجال كأمثال الجبال ببابك.
قال عثمان: فاخرج إليهم وكلمهم. فخرج مروان إلى الباب والناس قد ركب بعضهم بعضا فقال (مروان): ما شأنكم كأنكم قد جئتم لنهب!!! شاهت الوجوه أتريدون تنزعون ملكا من أيدينا؟ اخرجوا عنا.
فرجع الناس إلى علي فأخبروه الخبر فجاء ودخل على عثمان فقال: ما رضيت إلا أن يحولك مروان عن عقلك ورأيك والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا في نفسه.
وخرج من عنده مسترجعا.
فلما بلغ أهل الأنصار مقالة مروان تكاتب أهل مصر والكوفة والبصرة وكان أهل البصرة يشتهون طلحة وأهل الكوفة يشتهون الزبير (فظعن إلى المدينة جماعة من أهل الكوفة) فلما كانوا من المدينة على ثلاث تقدم زياد بن النضر وقال: لا تعجلوا حتى ندخل المدينة ونرتاد فدخل الرجلان؟
وجاء طائفة منهم إلى علي وسلموا عليه، فصاح بهم (علي) وشتمهم وقال: ارجعوا لأصحبكم الله بسلامة (1) فانصرفوا إلى طلحة والزبير فسبوهم وفعلوا فعل علي فرجع كل فريق إلى قومهم وأعلموا أنهم راجعين إلى بلادهم وساروا أياما ثم ردوا راجعين فلم يرع أهل المدينة إلا التكبير وإذا القوم قد رجعوا إلى المدينة وأحاطوا بدار عثمان وقالوا للناس: من كف يده فهو آمن. فكف الناس أيديهم ولزموا بيوتهم هذا كله ولا يدري الناس كلهم ما يصنعون.
وقال علي لأهل مصر: ما ردكم بعد ذهابكم؟ قالوا: وجدنا مع بريد كتاب (عثمان) بقتلنا!!! وكذلك قال البصريون لطلحة والكوفيون للزبير، وقال أهل مصر: إنما جئنا لنصرة أصحابنا؟ فقال لهم الصحابة: هذا أمر اتفقتم عليه؟