خطبة معاوية بن يزيد رحمه الله:
(قال المؤلف:) وإنما ذكرت هذه الخطبة هنا، بعد (ذكر) الوافدات على معاوية - وإن لم يكن (ها هنا) موضعها - لما فيها من الملائمة لما نحن فيه، ولما فيه من الغرابة والبلاغة، والانصاف والتنبيه على صلاح قائلها وورعه ودينه واعترافه بما أنكره أبوه وجده، وتنويهه بحق هذا البيت الشريف وتعظيمهم وأنهم أحق الناس بهذا الامر دون كل أحد، وأن أباه وجده أخذوه منه ظلما وعدوانا!!!
لما استخلف (معاوية بن يزيد) رضي الله عنه صعد المنبر فجلس عليه طويلا ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم قال:
أيها الناس والله ما أنا بالراغب في التأمير عليكم، ولا بالأمن لعظيم ما أكرهه منكم / 131 / أ / إنما بلينا بكم وبليتم بنا، ألا (و) إن جدي نازع الامر من كان أولى به منه، لقرابته برسول الله صلى الله عليه وسلم وقديمه؟ وسابقته، أعظم المهاجرين قدرا وأولهم إيمانا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته، جعله لها بعلا باختياره له لها، وجعلها له زوجة باختيارها له، فهما بقية رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلالة خاتم النبيين.
فركب جدي منه ما تعلمون، وركبتم معه منه ما لا تجهلون، ثم انتظمت لجدي منيته وصار مرتهنا بعمله فريدا في قبره.
ثم تقلد أبي أمركم بهوى أبيه الذي كان فيه، فلقد كان (ب) سوء فعله وإسرافه على نفسه غير خليق بالخلافة على أمة محمد، ولا جدير بها، فركب هواه واستحسن خطاه وأقدم على ما أقدم عليه، جرأة على الله وبغيا على ما استحل حرمته، فقلت مدته وانقطع أثره وضاجع عمله، وحصل على ما قدم؟ وأنسانا الحزن عليه الحزن له بما قدمه ، فليت شعري ما قال وما قيل له.
وخنقته العبرة وبكى بكاءا شديدا وعلا نحيبه وسبح طويلا ثم قال:
وصرت أنا ثالث القوم، والساخط فيما أرى أكثر من الراضي وما كان الله يراني أحمل إمامتكم وألقاه بتبعاتكم فشأنكم بأمركم، خذوه وولوه من شئتم ممن يقوم بسياستكم فولوه أموركم.
فقال له مروان: سنها (يا) أبا ليلى عمرية؟ قال: أتخدعني يا مروان (عن) ديني ونفسي؟ يا (مروان) ائتني برجال مثل رجال عمر حتى أفعل، فوالله لئن كان هذا الامر مغنما لقد أصاب آل (أبي) سفيان منها حظا كافيا، ولئن كان شرا فحسبهم ما