حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال السمر، فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قد حان الرواح يا رسول الله؟ قال: " أجل " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بلال " فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر، فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك! فقال: " أسرج لي فرسي " فأتاه بدفتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر.
قال: فركب فرسه فسرنا يومنا فلقينا العدو وتسامت الخيلان فقاتلناهم فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله " واقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه، وحدثني من كان أقرب إليه منى أنه أخذ حفنة من التراب فحثا بها وجوه العدو وقال: " شاهت الوجوه ".
قال يعلى بن عطاء: فحدثنا أبناؤهم عن آبائهم قالوا: ما بقى أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب، وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست الحديد، فهزمهم الله عز وجل.
ورواه أبو داود السجستاني في سننه عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة به نحوه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحارث بن حصين، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: قال عبد الله ابن مسعود: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والأنصار، فنكصنا على أعقابنا نحوا من ثمانين قدما ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضى قدما، فحادت به بغلته فمال عن السرج فقلت له: ارتفع رفعك الله. فقال: " ناولني