ثم ذكر ابن إسحاق قصة الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم عم خالد ابن الوليد، في خروجه هو وعوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، ومعه ابنه عبد الرحمن وعفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ومعه ابنه عثمان، في تجارة إلى اليمن ورجوعهم ومعهم مال لرجل من بني جذيمة كان هلك باليمن، فحملوه إلى ورثته فادعاه رجل منهم يقال له خالد بن هشام ولقيهم بأرض بني جذيمة فطلبه منهم [قبل أن يصلوا إلى أهل الميت] فأبوا عليه فقاتلهم فقاتلوه حتى قتل عوف والفاكه وأخذت أموالهما.
وقتل عبد الرحمن قاتل أبيه خالد بن هشام وفر منهم عفان ومعه ابنه عثمان إلى مكة، فهمت قريش بغزو بني جذيمة، فبعث بنو جذيمة يعتذرون إليهم بأنه لم يكن عن ملا منهم وودوا لهم القتيلين وأموالهما ووضعوا الحرب بينهم.
يعنى فلهذا قال خالد لعبد الرحمن: إنما ثأرت بأبيك، يعنى حين قتلته بنو جذيمة.
فأجابه بأنه قد أخذ ثأره وقتل قاتله، ورد عليه بأنه إنما ثأر بعمه الفاكه بن المغيرة حين قتلوه وأخذوا أمواله.
والمظنون بكل منهما أنه لم يقصد شيئا من ذلك، وإنما يقال هذا في وقت المخاصمة، فإنما أراد خالد بن الوليد نصرة الاسلام وأهله، وإن كان قد أخطأ في أمر واعتقد أنهم ينتقصون الاسلام بقولهم: صبأنا صبأنا. ولم يفهم عنهم أنهم أسلموا، فقتل طائفة كثيرة منهم وأسر بقيتهم، وقتل أكثر الاسرى أيضا، ومع هذا لم يعزله رسول الله صلى الله عليه وسلم بل استمر به أميرا، وإن كان قد تبرأ منه في صنيعه ذلك وودى ما كان جناه خطأ من دم أو مال.
ففيه دليل لاحد القولين بين العلماء في أن خطأ الامام يكون في بيت المال لا في ماله. والله أعلم.
ولهذا لم يعزله الصديق حين قتل مالك بن نويرة أيام الردة، وتأول عليه ما تأول