قالت: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتى أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟! " قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشى إليك من أن تمشى أنت إليه.
قال: فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره ثم قال: أسلم. فأسلم. قالت: ودخل به أبو بكر وكان رأسه كالثغامة (1) بياضا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غيروا هذا من شعره ".
ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته وقال: أنشد الله والاسلام طوق أختي؟ فلم يجبه أحد قال: فقال: أي أخية احتسبي طوقك، فوالله إن الأمانة في الناس اليوم لقليل!
يعنى به الصديق ذلك اليوم على التعيين (2)، لان الجيش فيه كثرة، ولا يكاد أحد. يلوي على أحد، مع انتشار الناس، ولعل الذي أخذه تأول أنه من حربي والله أعلم.
وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو العباس الأصم، أنبأنا بحر بن نصر، أنبأنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أن عمر بن الخطاب أخذ بيد أبى قحافة فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " غيروه ولا تقربوه سوادا ".
قال ابن وهب: وأخبرني عمر بن محمد، عن زيد بن أسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هنأ أبا بكر بإسلام أبيه.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذي طوى أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كداء، وكان الزبير على المجنبة اليسرى، وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كدى.