فغضب أبو سفيان وقال: لم يغلبنا إلا مرة واحدة وأنا يومئذ غائب، وهو يوم بدر، ثم غزوته مرتين في بيوتهم نبقر البطون ونجدع الآذان والفروج.
فقال هرقل: كاذبا تراه أم صادقا؟ فقال: بل هو كاذب.
فقال: إن كان فيكم نبي فلا تقتلوه. فإن أفعل الناس لذلك اليهود.
ثم رجع أبو سفيان.
ففي هذا السياق غرابة، وفيه فوائد ليست عند ابن إسحاق ولا البخاري.
وقد أورد موسى بن عقبة في مغازيه قريبا مما ذكره عروة بن الزبير. والله أعلم.
* * * وقال ابن جرير في تاريخه: حدثنا ابن حميد، حدثنا سلمة، حدثنا محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم قال: إن هرقل قال لدحية بن خليفة الكلبي حين قدم عليه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لاعلم أن صاحبك نبي مرسل، وأنه الذي كنا ننتظر ونجده في كتابنا، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى صغاطر الأسقف فاذكر له أمر صاحبكم، فهو والله في الروم أعظم منى وأجوز قولا عندهم منى، فانظر ماذا يقول لك؟
قال: فجاء دحية فأخبره بما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وبما يدعو إليه، فقال صغاطر: صاحبك والله نبي مرسل نعرفه بصفته ونجده في كتابنا باسمه.
ثم دخل وألقى ثيابا كانت عليه سودا وليس بياضا ثم أخذ عصاه، فخرج على الروم في الكنيسة فقال: يا معشر الروم إنه قد جاءنا كتاب من أحمد يدعونا فيه إلى الله وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن أحمد عبده ورسوله. قال: فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فضربوه حتى قتلوه.
قال: فلما رجع دحية إلى هرقل فأخبره الخبر قال: قد قلت لك، إنا نخافهم على أنفسنا، فصغاطر والله كان أعظم عندهم وأجوز قولا منى.