فلئن كنت صدقتني ليغلبن على ما تحت قدمي هاتين، ولوددت أنى عنده فأغسل عن قدميه!
ثم قال: الحق بشأنك. قال: فقمت وأنا أضرب إحدى يدي على الأخرى وأقول:
يا عباد الله لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، وأصبح ملوك بني الأصفر يخافونه في سلطانهم.
قال ابن إسحاق: وحدثني الزهري قال: حدثني أسقف من النصارى قد أدرك ذلك الزمان قال: قدم دحية بن خليفة على هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى أما بعد فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن أبيت فإن إثم الأكارين (1) عليك.
قال: فلما انتهى إليه كتابه وقرأه أخذه فجعله بين فخذه وخاصرته، ثم كتب إلى رجل من أهل رومية كان يقرأ من العبرانية ما يقرأ يخبره عما جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه، إنه النبي الذي ينتظر لا شك فيه فاتبعه. فأمر بعظماء الروم فجمعوا له في دسكرة ملكه ثم أمر بها فأشرجت (2) عليهم، واطلع عليهم من علية له وهو منهم خائف، فقال: يا معشر الروم إنه قد جاءني كتاب أحمد، وإنه والله النبي الذي كنا ننتظر (3) ومجمل ذكره في كتابنا، نعرفه بعلاماته وزمانه (4)، فأسلموا واتبعوه تسلم لكم دنياكم وآخرتكم. فنخروا نخرة رجل واحد، وابتدروا أبواب الدسكرة فوجدوها مغلقة دونهم.
فخافهم وقال: ردوهم على. فردوهم عليه فقال لهم: يا معشر الروم، إني إنما قلت لكم هذه المقالة أختبركم بها لأنظر كيف صلابتكم في دينكم؟ فلقد رأيت منكم ما سرني.
فوقعوا له سجدا، ثم فتحت لهم أبواب الدسكرة فخرجوا.