ما نحن فيه؟ إنما نحن كأضراس، وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد واتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف؟ فأبى أشد الاباء فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا.
فافترقنا وقلت: هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر. فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية، فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية. قلت:
فاكتم علي. قال: لا أذكره.
فخرجت لي منزلي فأمرت براحلتي فخرجت بها، إلى أن لقيت عثمان بن طلحة فقلت: إن هذا لي صديق، فلو ذكرت له ما أرجو. ثم ذكرت من قتل من آبائه، فكرهت أن أذكره، ثم قلت: وما علي وأنا راحل من ساعتي. فذكرت له ما صار الامر إليه، فقلت: إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج، وقلت له نحوا مما قلت لصاحبي، فأسرع الإجابة، وقلت له: إني غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو، وهذه راحلتي بفج مناخة. قال: فاتعدت أنا وهو يأجج، إن سبقني أقام وأن سبقته أقمت عليه.
قال: فأدلجنا سحرا فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج، فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها، قال: مرحبا بالقوم. فقلنا: وبك. فقال: إلى أين مسيركم؟ فقلنا: وما أخرجك؟ فقال: وما أخرجكم؟ قلنا: الدخول في الاسلام واتباع محمد صلى الله عليه وسلم. قال: وذاك الذي أقدمني.
فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة، فأنخنا بظهر الحرة ركابنا فأخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر بنا، فلبست من صالح ثيابي ثم عمدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيني أخي: فقال أسرع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر بك فسر بقدومك وهو ينتظركم.